أعلان 300×250

((خطوات خارج قفص التجهيل)) (الثامنة والستون)

عدن الخبر

مقالات

صحيفة ((عدن الخبر)) كتب المناضل عبدالكريم السعدي عضو قيادة الحراك الجنوبي السلمي ورئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية :

(1)
حين أدرك طرفا التدخل في اليمن صعوبة القضاء على جماعة أنصار الله (الحوثي)، خصوصًا بعد أن وصلت نيران الجماعة إلى أراضي تلك الأطراف، بدأت تتبلور أفكار وتوجهات لدى تلك الأطراف تقوم على قاعدة القبول بواقع (الأنصار) والتعاطي معه. واتجهت لذلك إلى إضعاف (الشرعية) أولًا واستبدالها بأدوات هزيلة (مجلس القيادة) لتكون في مواجهة الجماعة حربًا أو حوارًا، واستبعاد الأطراف والشخصيات القوية الحاملة للمشروع الوطني التي رأت فيها عقبة قد تعيق حوارها مع الجماعة في المستقبل!!
(2)
جاءت نتائج مسرحية مشاورات الرياض خادمة لمصالح وتوجهات طرفي التدخل، ومتجاهلة لمصالح اليمن وقضاياه. وتمخضت تلك المسرحية عن انقلاب أبيض على شرعية الرئيس هادي، الذي وافق مبدئيًا أثناء سير المشاورات على تعيين نائبين له هما د. رشاد العليمي واللواء أحمد بن بريك، وهو ما رفضه طرفا التدخل، فكانت النتيجة هي المجلس الحالي بكارثية متناقضاته وعجزه!!
(3)
قامت تشكيلة المجلس على أسس غير وطنية لا تمت لليمن وقضاياه بأي صلة، حين انشغلت الأطراف الحاضرة في المشاورات بالبحث عن حضور لجماعاتها وأحزابها وشخوصها في المشهد على حساب قضايا الوطن ومعضلاته، بل إن الأمر تجاوز كل ذلك إلى خيانة البعض للأمانة المهنية والوطنية بتسريب معلومات مكتب الرئيس هادي، الأمر الذي عجّل بالانقلاب على الرئيس وشرعيته وإرغامه على التوقيع على ما أرادته الرياض وأبوظبي!
(4)
من أسباب الفشل التي وُلِدت أيضاً مع ما يُسمى بمجلس القيادة أنه قام على أسس المكافأة لمن يؤكد إخلاصه للرياض وأبوظبي وتوجهاتهما، والقبول بالوضع البائس الذي يعيشه هذا المجلس اليوم، ومن يصيغ خطابه وتوجهاته بما يلتزم بتوجيهات السفراء واللجان الخاصة، ومن يقبل بتأجيل الحديث عن قضايا الوطن العالقة!
(5)
ومن أسباب الفشل أيضاً قبول أعضاء المجلس بالقيام بالدور التضليلي لأبناء الوطن من خلال موافقتهم على انحدار ثم اندثار هدف ومبرر وجود هذا المجلس، والذي حصره بيان الانقلاب على هادي في (الانتصار لمعركة استعادة الدولة ودحر الانقلاب الحوثي)!
(6)
عندما أعلنا عن رفضنا للطريقة التي تمت بها الإطاحة بالرئيس الشرعي هادي والاتيان بما يُسمى مجلس القيادة، كنا ننطلق من مصلحة الوطن أولاً وأخيراً، رغم تحفظاتنا على جوانب عديدة في مسيرة الرئيس هادي، ليس لشخصه ولكن للمحيطين به والمقربون الذين أثبت الكثير منهم أنهم لا يختلفون كثيرًا عن أعضاء مجلس مشاورات الرياض وحظائرهم المحيطة بهم!!
(7)
ما حدث بعد هذا الانقلاب على الشرعية أثبت صحة مبررات اعتراضنا، فالرئيس هادي لم يكن يومًا عقبة في طريق انتصار معركة استعادة الدولة اليمنية، ولا حتى عائقًا أمام الانتصار لقضية الجنوب، لكنه كان عقبة في طريق من يريد التهام اليمن واقتطاع أراضيه ونهب ثرواته والمساس بسيادته وتاريخه، ومن يريد تعطيل الحياة في ما يسمى بالمناطق المحررة، وعقبة أيضًا أمام من يحلم بالسطو على الإرادة الجنوبية واختطاف صفة تمثيل الجنوب!!
(8)
ولتجاوز كل تلك العقبات، جاءت خطوة استبعاد الرئيس هادي والاتيان بهذا المجلس المهلهل، وهي الفكرة التي تماهت مع أحلام السلطة والحكم المترسبة تاريخيًا في بواطن عقليات بعض جماعاته وشخصياته، حيث رأت كل جماعة في أي شخص أو مكون يمني جنوبي أو شمالي يمتلك كاريزما وحضورًا وموقفًا وطنيًا خطرًا يهدد أحلامها في التمثيل وأحلام شخوصها (المتواضعي الإمكانات) في حجز مقاعد أي تسوية قادمة، وهي الجزئية التي لعب عليها محركو وصانعو جماعات وشخصيات هذا المجلس واستغلوها الاستغلال الأمثل الذي مكنهم من رقاب هؤلاء وجرهم إلى حيث تريد مشاريعها!!
(9)
لم يُعرض فعليًا من مسرحية مجلس مشاورات الرياض سوى مشهد الافتتاح. بعدها أختلط الحابل بالنابل ودخل المشخصون في دوامة الاجتهادات النابعة من زوايا ظلام أحزابهم وعائلاتهم وجماعاتهم. ووجد أبناء مناطق التحالف أنفسهم أمام مشهد النهاية الذي أصبح فيه كل ممثل يعمل على مسرحه الخاص. وعلى الرغم من أن أصل الرواية يقوم على رئيس وسبعة نواب، إلا أن الأمر تغير مع هؤلاء الممثلين وأصبح الكل رئيسًا والكل نائبًا. أما المنتمون إلى حزب الوطن فلم يكتفِ المخرج بإرغامهم على متابعة فصول هذه المسرحية الهابطة، بل وأرغمهم أيضًا على دفع فاتورة فشلها وحملهم أوزار تبعات ذلك الفشل!!
(10)
بات لزامًا على رعاة ما يُسمى بمجلس القيادة والموجهين لخطواته والمقتسمين لتواجده (السعودية والإمارات) أن يعيدوا النظر في خطواتهم. فاقتسام اليمن لا يصح ولن يكون على اثنين من خارجه، ومصير اليمن لا تصنعه جماعات فقدت الانتماء للوطن وتلطخت أيديها بدماء الأبرياء وغرقت في الفساد وتخلت عن قضايا اليمن وأهله لصالح أحزابها ومناطقها وجماعاتها!!

قد يعجبك ايضا