أعلان 300×250

“مستشفى الأمير محمد بن سلمان بالعاصمة عدن.. علاج مجاني أم رحلة إلى الموت المؤجل؟”

عدن الخبر

كتابات حرة

صحيفة ((عدن الخبر)) ✍️ كتب: شكري سلطان :

في زمنٍ غابت فيه معاني الرحمة، وتراجعت الإنسانية أمام جشع المال والروتين القاتل، يرقد صديقي زاهر منصور (أبو محمد) على فراش الألم، لا لذنب اقترفه، بل لأنه وُلد في بلاد لا تعير صحة الإنسان أي اهتمام.

أصيب “أبو محمد” بذبحة صدرية نقل على إثرها إلى مستشفى برج الأطباء، حيث تبين بعد الفحوصات أنه يعاني من انسداد بثلاثة شرايين، ويحتاج لتركيب ثلاث دعامات عاجلة. لكن أمام الأسعار الفلكية للعلاج، اضطر أهله إلى إخراجه من المستشفى، والبحث عن بديل حكومي مجاني.

توجهت الأسرة إلى ما يسمى اليوم بـ مستشفى الأمير محمد بن سلمان (مستشفى عدن العام سابقاً)، بعد أن قيل لهم إن الفحوصات والعمليات تُجرى مجاناً. إلا أن الواقع كان مختلفًا تمامًا. فعلى الرغم من تسجيله بتاريخ 1 مايو، لم يحصل على موعد لمقابلة الطبيب المختص إلا في 4 يونيو – أي بعد أكثر من شهر!

في اليوم الموعود، وبعد مكوثه منذ التاسعة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، خرج الطبيب بوصفة دواء فقط، وأبلغه بأنهم سيتصلون لاحقاً لتحديد موعد العملية. والعجيب أن الدواء الموصوف يمتد استخدامه حتى أغسطس المقبل، وكأن حياته أصبحت رهناً بمكالمة قد تأتي أو لا تأتي، وربما – كما يقال في الشارع – “إذا عشت إلى أغسطس ارجع نحجز لك موعد في 2026!”

ما يحدث في هذا المستشفى ليس سوى جريمة ترتكب باسم “العلاج المجاني”. فالمريض هنا لا يحصل سوى على الوعود والتأجيلات، حتى تنهك روحه أو تسبقها روحه إلى السماء!

وليس زاهر وحده من تجرّع مرارة هذا الإهمال. ففي رمضان الماضي، توفيت شقيقته بعد مراجعتهم المستشفى ذاته، حيث أخبرتهم الطبيبة بعد تخطيط القلب أنه لا خطر على حالتها، وأُعيدت إلى المنزل. لكن لم تمضِ ساعات حتى أسلمت الروح إلى بارئها. لاحقاً، وبعد عرض التخطيط على أطباء آخرين، أكدوا أن الحالة كانت تستدعي عناية مركزة فورية، لا الخروج إلى المنزل!

وللمفارقة، اتصل المستشفى ذاته قبل أيام على منزل المتوفاة، يطلبون منها الحضور لإجراء العملية، لكن الرد كان: “لقد توفيت!”

هل بعد هذا من ألم؟ هل بعد هذا من لا مبالاة؟

نصيحتي لكل من يروّج بأن هذا المستشفى يقدم “الخدمات المجانية”: إذا لم تكونوا قادرين على علاج الناس، فلا تبيعوا لهم الوهم! فالناس تموت كل يوم بصمت، نتيجة الإهمال، والروتين، و”الوعود الحكومية المعلقة”، التي لا تُسمن ولا تُغني من وجع.

زاهر منصور اليوم يصارع الألم والأمل معًا، لكنه لا يطلب المستحيل… فقط يريد حقه في الحياة!

قد يعجبك ايضا