أعلان 300×250

عيد بطعم الوجع.. عندما يغيب الفرح وتحضر الكرامة

عدن الخبر

كتابات حرة

صحيفة ((عدن الخبر)) – كتب: محمد بدحيل

في هذا العيد، لا شيء يدعو للغضب، فقد لبسنا أفضل ما لدينا من الثياب، تعطّرنا، حلقنا ذقوننا كما يفعل الناس في العيد، وتبادلنا التهاني مع الجيران والأصدقاء. قال لي جاري مبتسمًا: “هل أنت بخير؟ وأولادك بخير؟” فشكرت الله على نعمته وأدركت كم هي رحمته واسعة.

رغم زحمة اللقاءات، تهربت من لقاء بعض الأصدقاء الذين لا ألتقيهم إلا في العيد، لكنني رأيت وجوهًا شاحبة، وعيونًا حزينة تخفي خلفها أوجاعًا لا تُحكى، شعرت بوخزة في قلبي، وتصنّعت ابتسامة كبيرة لأُخفي بها ما لا يقال.

لم يكن ينقصنا في هذا العيد سوى شيء من الكرامة والإنسانية، تلك التي يحتاجها الإنسان ليشعر أنه كالبشر في بقية الأوطان. اتصلت بكل أقاربي، وكان أولادي متفهمين للحال، لم يطلبوا شيئًا كثيرًا، وتصنّعوا الفرح بما أعطيتهم.

أدركت حجم الفجوة بيني وبين كثيرين، وعرفت أن لا أحد يشعر بغيره، فكتمت أوجاعي، وحولت الحزن إلى أغنية رددتها لحفيدي الصغير. جلب لي أحد الأصدقاء قطعة لحم للعيد، واكتملت بها فرحة الأولاد. لم يروه، لكنهم تذوقوا طيب عطائه. لبسوا ثياب العيد الماضي، وخرجوا إلى الحارة مع أقرانهم، ورغم ألم في داخلي، حاولت أن أرفع مصروفهم، فتعففوا، وكأنهم يقولون: “نحن نعلم.”

أيها الناس.. ما أصعب الحياة في بلاد لا يدرك حاكمها وجع شعبه، ولا يحاول أن يخفف من معاناتهم ككل البشر. المواصلات توقفت لانعدام الغاز، والكهرباء تأتي بعد ساعات، والماء يقطر تقطيرًا. فبأي ذنب نعاني؟ وأي جريمة ارتكبناها لنُعاقب بهذا الشكل؟

أقسم أننا ننزف، دون أن يشعر بنا أحد. يضحكون على مآسينا، وكأننا لسنا إخوتهم في الدين والوطن. ورحم الله من يدرك أن الحزن الذي ينبت في القلوب يسبب جلطات، وذبحات صدرية، وانهيارات نفسية، بل وطلاقًا وضياع أجيال.. فقط لأن من يحكمنا، لا يملك لا شرف القيادة ولا نخوة الانتماء، بل هو مجرد عميل.. ومرتزق.. وجبان.

قد يعجبك ايضا