((خطوات خارج قفص التجهيل)) الخطوة (الرابعة والستون)
عدن الخبر
مقالات
صحيفة ((عدن الخبر)) كتب أ. عبدالكريم السعدي عضو قيادة الحراك الجنوبي السلمي ورئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية :
(1)
أبعاد المشهد توحي بملامح النهايات، فهناك جماعة أنصار الله (الحوثي) التي فرضت نفسها حتى اللحظة كطرف رئيس في ماراثون التعاطي مع القضية اليمنية أمام الأطراف الإقليمية والدولية، وهناك جماعات (مجلس مشاورات الرياض القيادي) التي تنتظر ما يمن عليها به طرفا التحالف نظير دورها كحارس لمناطق ذلك التحالف!!
(2)
لو أننا نظرنا بموضوعية إلى حركة التحولات لكل الأطراف في المشهد السياسي اليمني خلال الفترة الماضية، سنجد أن الحوثي بدأ صغيرًا وأصبح اليوم حاضرًا وبقوة، بينما الأطراف المقابلة (جماعات مايسمى بمجلس القيادة) اختارت أن تبدأ صغيرة فاستمرت صغيرة. كما أننا سنلاحظ بروز معيار قياس جديد أفرزته حركة التحولات تلك، وهو معيار (الأفضلية في التبعية) الذي يظهر جماعة الحوثي نسبيا الأكثر حرصا على استقلاليتها واحترامها لنفسها !!
(3)
جماعة الحوثي حافظت على وحدة القرار والقيادة والهدف، مهما كان اختلافنا مع ذلك الهدف ورفضنا له، بينما الجماعات المقابلة انقلبت بتوجيهات سادتها الإقليميين على القيادة (الرئيس هادي) مقابل تخليها عن استقلالية القرار. واستبدلت هدف استعادة الدولة والجمهورية بهدف تقاسم الودائع والمعونات وسرقة الإيرادات والجبايات وتقاسم مقاعد الحكومات واللجان الشكلية والوظائف، وانتظار عطاءات الإقليم سياسيًا وعسكريًا وماديًا!
(4)
تبادلت أطراف المشهد السياسي اليمني المأساوي الأدوار فيما بينها وفقًا لمصالحها الذاتية. فاطراف التحالف صنعت الجماعات والمليشيات المسلحة ودعمتها لتمثل مصالحها أولًا، بمقابل دعم هذه الجماعات في مواجهة معارضيها والتمكين لها لاحقًا في الحضور في أي شكل من أشكال الدولة اليمنية التي تنص شروط قيامها على أنه لا سيادة لها ولا استقلالية لقرارها ولا حضور لتاريخها!
(5)
النُخب الشمالية تدرك جيدًا أن جماعة الإنتقالي لا تمثل أبناء الجنوب، وأنها مجرد أداة أوجدتها الوحدة الخاصة الإماراتية لتمثيل مصالحها في حالة قرر المجتمع الدولي إعلان دولة في الجنوب. ومع ذلك، تصر نُخب الشمال على صناعة أسباب الخلاف والفرقة مع إخوانها في الجنوب من خلال التعاطي مع مثل هذه الجماعات غير الوطنية!!
(6)
هناك هجمة قذرة تتعرض لها القضية الجنوبية على أيدي بعض الأبواق، إما بجهل أو بثمن مدفوع. وهذا الأمر يضع شرفاء الجنوب أمام مسؤولياتهم التي تتطلب اتخاذ موقف جاد بالفصل بين قضية الجنوب العادلة وبين سقوط وانحدار جماعة الانتقالي النفعية، وإعادة ترتيب أوراق المشهد السياسي الجنوبي بما يضمن حماية القضية والنأي بها عن المساومات والمتاجرة وتبعات الصراعات الجنوبية الجنوبية!!
(7)
تجارب التاريخ أثبتت أن استقرار الدول المحيطة باليمن مرهون بعلاقات تلك الدول مع الشعب اليمني، وليس مع مغتصبي الحكم في اليمن. وبالتالي، فإن الاجتهاد في السعي لإرضاء الجماعات أو صناعة تلك الجماعات المسلحة وتمكينها وتهيئتها للسيطرة على قرار اليمن، أمر يؤكد أن بعض حكام تلك الدول لم يستوعبوا دروس التاريخ بعد!!
(8)
معركة طرفي التدخل في اليمن الموجهة ضد التيار الوطني الرافض المساس بالسيادة، والرافض للتبعية، والمطالب باستقلالية القرار الوطني، معركة غير عاقلة ولا عادلة، ولن تفضي إلا إلى العودة بالمنطقة إلى مرحلة تصدير الثورات وعدم احترام الجوار. فصناعة المليشيات للنجاة من خطر مليشيات مقابلة، أمر يحتاج إلى إعادة النظر والتفكير الإيجابي!!
(9)
ختامًا، من الذي أوصل المشهد السياسي اليمني إلى هذه الدرجة من القبح والسوداوية؟ هل هي مصالح دولتي التدخل في اليمن، أم انبطاح وتبعية وارتزاق الجماعات والمليشيات المحلية، أم غياب التيار الوطني الحقيقي غير الملوث، أم كل ذلك مجتمعا؟؟