كان ياما كان… أصابع الندم.. “ستبقون عبيدا ما دمنا نحكم هذه الأرض”!
عدن الخبر
منوعات
صحيفة ((عدن الخبر)) وكالات :
أمام ثورة عارمة استجمع ملك إنجلترا ريتشارد الثاني شجاعته. همز حصانه ومضى نحو جموع المتمردين الغاضبة. صاح بأنه قائدهم وأمرهم بخفض أسلحتهم، فامتثلوا. فيما بعد ندموا كثيرا على ذلك.
كانت ثورة الفلاحين التي اندلعت في 30 مايو 1381 بمقاطعة “إسكس” الواقعة قرب لندن قد امتدت سريعا إلى مدينة كانتبري ووصل المتمردون إلى لندن.
ثورة الفلاحين نظّر لها ونفخ فيها الواعظ جون بول الذي أخرجه المتمردون من السجن. القسيس السابق كان ثار على أفكار الكنيسة الكاثوليكية وانتقد بشدة جشعها وخطايا سدنتها، ودعا إلى مبادئ المساواة. ذات مرة خطب في حشد من العامة قائلا: “حين حرث آدم وغزلت حواء، من كان الرجل النبيل؟”.
شرارة الثورة انطلقت حين وصل جامعو الضرائب إلى مقاطعة إسيكس. هناك واجهوا على الفور مقاومة مسلحة من الفلاحين الفقراء وتم قتل الموظفين الملكيين.
حدثت انتفاضة مشابهة في نفس الوقت في مقاطعة كينت، حيث قتل المتمردون أيضا جامعي الضرائب بلا رحمة. ثم بدأت الانتفاضة تمتد إلى المناطق المجاورة، وسرعان ما اتحد المتمردون تحت قيادة وات تايلر، الذي يعتقد أنه شارك في حملات حرب المائة عام.
كان الفلاحون الثائرون يطالبون بخفض الضرائب وإلغاء عبودية الاقطاع وإقالة كبار المسؤولين الملكيين من مناصبهم. جرت الانتفاضة المسلحة في ظروف سياسية متوترة واقتصادية خانقة بعد وباء الطاعون.
حين دخل المتمردون المسلحون إلى لندن، احتمى الملك ريتشارد الثاني وكان عمره 14 عاما وحاشيته بالبرج. كانت معظم القوات الملكية في ذلك الحين في شمال البلاد ولم تتمكن من نجدته.
التقى ريتشارد الثاني في 14 يونيو بقادة المتمردين ووافق على تلبية معظم شروطهم بما في ذلك إلغاء عبودية الاقطاع وتخفيض الرسوم على إيجار فدادين الأرض والعفو. الملك الطفل وعد حتى بتقديم جميع البارونات الذين يعتبرهم الفلاحون مذنبين في أوضاعهم السيئة إلى العدالة. صاغ ثلاثون كاتبا وثيقة بالخصوص حملت توقيع الملك.
ظن المتمردون أن الملك في صفهم. قاموا بمهاجمة البرج وقتلوا المستشار الملكي سيمون سودبيري وأمين الصندوق روبرت هالس ووضعوا راسيهما على حربتين غرستا على جسر لندن. بعد ذلك توزعت الحشود في شوارع المدينة وعاثت فيها نهبا وقتلا لبعض المسؤولين.
في تلك الظروف العصيبة حدثت مواجهة ثانية بين الملك الطفل وحشود التمردين في 15 يونيو 1381. خرج ريتشارد الثاني مع حاشيته لمقابلة وفد للتمردين على رأسه قائدهم وات تايلر. فجأة حدثت مشادة قتل خلالها قائد المتمردين، فيما كانت حشود الفلاحين على مقربة مستعدة للهجوم.
انطلق ريتشارد الثاني بحصانه منفردا إلى الحشود الغاضبة، وكان المحيطون به منذ سنوات يرددون على مسامعه أنه المنقذ. خاطب الفلاحين المتمردين الذين فقدوا لتوهم قائدهم قائلا: أنا قائدكم اتبعوني!”. انطلق إلى حقول “كليركنويل”، وتبعته الحشود وهناك أمرهم بأن يتفرقوا.
سرعان ما ألغى الملك ريتشارد الثاني اتفاقه مع الفلاحين الثائرين في 2 يوليو 1381 ونقض عهوده ووعوده، وقمع تلك الثورة بوحشية.
حضر إليه وفد من الفلاحين يسأله عن توقيت دخول الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها. أجاب الملك بقسوة شديدة قائلا: “كنتم عبيدا، وستبقون عبيدا. من الآن فصاعدا ستكون عبوديتكم أشد وطأة بما لا يقاس… ما دمنا نحكم هذه الأرض.. سنسعى لإبقائكم خاضعين بحيث تصبح فظاعة عبوديتكم عبرة للأجيال المقبلة”.
أمر الملك الصغير بالقبض على 15 من قادة المتمردين وقام بإعدامهم. منظرهم الواعظ جون بول ناله الجزاء الأقسى. قطعت جثته إلى 5 أجزاء وأرسلت إلى مختلف مدن إنجلترا. هكذا أعاد ريتشارد الثاني الأمور إلى ما كانت عليه، وجعل الفلاحين البسطاء يعضون أصابع الندم على وثوقهم به.
المصدر: RT”