ثقافة إسلامية المختصر في سيرة عمدة المحدثين الإمام البخاري.. فيديو
عدن الخبر
ثقافة وادب
صحيفة ((عدن الخبر)) إعداد القاضي أنيس جمعان :
*أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (13 شوال 194 هـ – 1 شوال 256 هـ) / (20 يوليو 810 م – 1 سبتمبر 870 م).*
*هو أحد كبار الحفّاظ الفقهاء ومن أهم علماء الحديث وعلوم الرجال والجرح والتعديل والعلل عند أهل السنة والجماعة، له مصنّفات كثيرة أبرزها كتاب الجامع الصحيح، المشهور باسم صحيح البخاري، الذي يعتبر أوثق الكتب الستة الصحاح والذي أجمع علماء أهل السنة والجماعة أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم.*
*يُعدُّ شيخ الإسلام البخاري إمام الحفاظ وأكبرهم، وأبرز الفقهاء وأقدرهم، هو من أهم علماء الحديث وعلوم الرجال والجرح والتعديل والعلل عند أهل السنة والجماعة في التاريخ الإسلامي، فيما يصنف كتابه صحيح البخاري الذي جمع فيه الأحاديث النبوية واحداً من أعظم مصادر الأثر النبوي الشريف.*
*هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ولد في شوال عام 194 هـ الموافق 810م في مدينة بخاري التي نسب إليها وهي إحدى مدن أوزبكستان الحالية، وقد مات والده وهو صغير، فتربى يتيماً في حجر أمه التي أحسنت تربيته وكان لها دور في شحذ همته وحبه للعلم.*
*فقد ظهرت عليه علامات النبوغ المُبكّر، ورزقه اللَّه تعالى ذاكرة حديدية نادرة، وألهمه حفظ الأحاديث النبوية الشريفة، فلزم مجالس المُحدّثين، وأخذ عنهم كل ما في جعبتهم، وكان يحفظ من الأحاديث الشريفة في أيام ما يستغرق غيره في حفظه شهورا وسنوات، و لا يكتب عند شيوخه، بل يسمع منهم مرة واحدة، فيحفظ ما سمعه فورا عن ظهر قلب، و يكتب رفاقه، ثم يُراجعون و يُصحّحون ما كتبوا على ما حفظ البخاري، وكان ينظر في أي كتاب مرة واحدة، فيحفظه فوراً لا يُسقط منه كلمة !!*
*سافر البخاري إلى مكة المكرمة في سن الـــ 16 بصحبة أمه وأخيه أحمد لأداء فريضة الحج، وتخلف عنهما للاستزادة من المعارف حيث بقي هناك لستة أعوام وبدأ جمع الأحاديث، وبعدها سافر بين البلدان لهذا الهدف، من بغداد إلى الكوفة ودمشق ومصر وخراسان وغيرها، وكان يحفظ ويجتهد في طلب المزيد والتدوين، وروي أنه لا يكتب الحديث إلا بعد أن يكون قد توضأ وصلى ركعتين.*
*أصيب الإمام في صغره بمرض في عينيه حتى كاد يفقد بصره ولكنه تعالج منه، وعادت إليه عافيته، وكان رأساً في العلم، ورأساً في الورع والعبادة، يتمتع بالذكاء والنجابة والذاكرة القوية، وهي إحدى الصفات التي ساعدته لاحقاً في جمع الأحاديث النبوية، حفظ البخاري القرآن الكريم وتلقى العلوم الأساسية في الدين وقد حفظ آلاف الأحاديث وهو لا يزال غلاماً، وقد ساعدته أجواء بخاري التي كانت في ذلك العصر مركزاً من مراكز العلم، فكان يرتاد حلقات العلماء ورجال الدين.*
*التقى البخاري بعدد كبير من الشيوخ والعلماء، حتى بلغوا أكثر من ألف رجل، وذلك في رحلاته الكثيرة وتطوافه الواسع في الأقاليم، قال البخاري: «كتبت عن ألف وثمانين نفساً ليس فيهم إلا صاحب حديث».*
*كان منهج البخاري في كتابة الحديث صارماً، يستقصي من الرواة والأسانيد، وأصبح علماً في هذا الباب في حسن التصانيف والتدقيق، وتعدُّ قصة تأليفه لكتابه (الجامع الصحيح) الذي يعد أول كتاب صنف في الحديث الصحيح المجرد، دليلاً عظيماً على الهمة والذكاء والإخلاص، وقد استغرق هذا العمل 16 عاماً في رحلات شاقة بين البلدان.*
*ولم يتعجل إخراج الكتاب إذ بذل فيه الكثير من المراجعة والتنقيح والاستقصاء حتى خرج بالصورة النهائية له ليضم 7275 حديثاً اختارها البخاري من بين 600 ألف حديث كانت قد وصلته، حيث عمل على تدقيق الروايات ووضع شروطاً لقبول رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصراً لمن يروي عنه، وأن يكون قد سمع الحديث منه، إلى جانب الثقة والعدالة والضبط والإتقان والعلم والورع.*
*لا يوجد كتاب لدى المسلمين، نال الحظوة والسمعة والشهرة عند جمهور الفقهاء والشيوخ كصحيح البخاري، ونال بنفس القدر والقسط من التبجيل والتكريم والتعظيم، فهو أصح كتاب بعد القرآن.*
*إن البخاري في صحيحه لا يروي عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مباشرة، بل هو يروي عن شيوخ ثقات، في أعلى درجات الحفظ والضبط والأمانة عن مثلهم إلى أن يصل إلى الصحابة عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقل عدد بين البخاري والنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلم ثلاثة من الرواة.*
*لقد كان البخاري محلَّ قبولِ وثناء عامة الأئمة عبر التاريخ، ولا يوجد كتاب لدى المسلمين، نال الحظوة والسمعة والشهرة عند جمهور الفقهاء والشيوخ كصحيح البخاري، ونال بنفس القدر والقسط من التبجيل والتكريم والتعظيم، فهو أصح كتاب بعد القرآن (فيما يخص نصوص الشرع)، وقد انعقد إجماع الأمة على أن التراجم التي وضعها البخاري تدل عن فهم عميق ونظر دقيق في معاني النصوص، فهو محل اتفاق بين عامة العلماء عبر القرون بعد أن أصبح البخاري محل قَبول منهم على كثرة دراسته والكتابة عنه أو عن جانب منه، وقد أقر بهذا أئمة كالإمام أحمد بن حنبل، والحافظ النسائي وحكى الاتفاق عليه أئمة كابن الصلاح والنووي والطوفي وآخرين، وقد رَوَى عن البخاري عددٌ كبير من تلامذته كمسلم وأبي زُرعة الرازي، والترمذي وابن خزيمة وخلق كثير.*
*ومن عجائب البخاري، كأنه قد بدأ التأليف مُبكّرًا جداً في سن الثامنة عشرة وكان أول إنتاجه العلمي الغزير هو كتاب قضايا الصحابة والتابعين ثم موسوعته الهائلة التاريخ الذي كان يسهر لتأليفه عند قبر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة المُنوّرة، و من مؤلفاته أيضاً تفسير القرآن الكريم و الأدب المفرد، وخلق أفعال العباد وغيرها، لكن أشهر ما جمعه وأخرجه للناس هو كتابه الصحيح الذي يضم أكثر من سبعة آلاف ومائتي حديث نبوي شريف.. وسبب كتابة الصحيح أن البخارى كان يحضر مجلس الإمام العظيم إسحاق بن راهويه، فسمعه مرة يقول لتلاميذه لو جمعتم أحاديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتاب مختصر و لم يلتقط الفكرة سوى أصغر الحاضرين النابغة البخاري، الذي صمّم على جمع الأحاديث الصحيحة في كتاب، وهو ما تحقّق بعد ذلك بسنوات طوال.. وقد بدأ كتابته داخل البيت الحرام، واستكمله فى المسجد النبوى الشريف، واستغرق فى إنجازه 16 سنة كاملة، وراجعه عدة مرات، وروى أحد مُعاصريه أنه كان يستيقظ من نومه 20 أو 30 مرة ليلاً ليراجع إسناد حديث، أو يدوّن ملاحظات على إحدى الروايات، أو يضيف حكماً فقهياً في عنوان أحد الأبواب، أو يدوّن رأياً لصحابي أو تابعي ..إلخ..*
*ووصف كثير من العلماء صحيح البخاري بأنه “أصح كتاب بعد القرآن الكريم” واستفاد به ومنه معاصروه ومن جاءوا بعده من أهل الحديث والتفسير والفقهاء والعلماء في سائر الأنحاء، ثم جميع المسلمين إلى يوم القيامة، وكان لا يكتب حديثاً سمعه من شيوخه إلا بعد أن يتوضأ ويصلي ركعتين، ويستخير اللَّه تعالى، ويتأكّد من صحة رواية الحديث. ولا يروى البخاري إلا عن أهل التقوى والصلاح والصدق والعلم والدراية التامة، فضلا عن الضبط وكحضور الذهن و تمام العقل، وكان يشترط أن يكون الراوي قد عاصر شيخه الذى أخذ الحديث عنه، وأن يكون قد قابله شخصياً، ليتأكّد من أنه قد تلقّى هذا الحديث منه مُباشرة وليس بواسطة، وكل هذا جعل من صحيح البخاري أهم دواوين السُنّة المُطهّرة، وأصحّها على الإطلاق، ومن الغريب أن قلة من العلماء يُقدّمون عليه “صحيح مسلم” مع أن مسلماً يكتفى بشرط أن يُعاصر الراوي شيخه الذي روى عنه الحديث، ولا يشترط اللقاء بينهما فعلاً- كالبخاري – وهذا يعني أن إسناد أحاديث البخاري أقوى وأصَحّ، وفى كُلِ خير.. وقال الإمام الدار قطني: “لولا البخاري ما راح مسلم و لا جاء”، و قد عرض الإمام البخاري كتابه – الصحيح – على الإمام أحمد بن حنبل والإمام ابن المدينى والإمام يحيى بن معين وغيرهم فاستحسنوه، وشهدوا له بالصِحّة، إلا أربعة أحاديث قال الإمام العقيلى عنها:”والقول فيها قول البخاري” أي أنها صحيحة بدورها كما رأى البخاري.*
*ومع فضله وعلمه وصحة أحاديثه، كان الإمام مسلم نفسه من تلاميذ الإمام البخاري، وثبت أن مسلما لقي البخارى يوماً، فقبّل رأسه و يديه، و قال له تواضعاً واعترافاً بعلمه و فضله:”دعني أقبّل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المُحدّثين، وطبيب الحديث في عِلَلِه” و قال له مرّة أخرى- بعد أن صحّح له البخاري إسناد حديث-: “لا يُبغضك إلّا حاسد، وأشهد أنه ليس فى الدنيا مثلك” وكذلك كان الباقون من مشاهير أصحاب دواوين السُنّة كالترمذي وابن ماجه والنسائي والحاكم والبيهقى ومن دونهم، من تلاميذ البخاري بل ثبت أن كثيراً من شيوخه الذين علّموه، قد تعلّموا منه ونقلوا عنه لاحقاً ما لم يكن عندهم منظ الأحاديث، و (ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).[سورة الجمعة:4].*
*توفي البخاري في الأول من شوال 256هـ الموافق 869 م عند صلاة العشاء وصلي عليه يوم العيد بعد الظهر ودفن بإحدى قرى سمرقند، وكان قد وصلها بعد أن طرده حاكم بخارب من المدينة؛ لأنه رفض أن يذهب لتعليم أبنائه دون العامة، وقال قولته: أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس..*
*المصادر :*
————-
*(1) الإمام البخاري عمدة المحدثين وفي الشبهات التي حوله – موقع الجزيرة نت – 28/03/2019*
*(2) الإمام البخاري – حمدى شفيق- شبكة صيد الفوائد*
————————
*▪️تم النشر في صفحة ثقافة إسلامية من قبل القاضي أنيس صالح جمعان في facebook بتاريخ ٩ مايو ٢٠٢٥*
*==========*