الشيخ ناصر المجهصي ينعي رفيق دربة القائد الشهيد عبدالرحمن حجري
عدن الخبر
اخبار محلية
صحيفة ((عدن الخبر)) خاص :
عندما يرحل العظماء تنقص الأرض من أطرافها، وتنطفئ منارة كبرى كانت ترسل إشعاعات خيرها ونورها في ربوع العالمين .
عندما يرحل العظماء تنفطر لذهابهم القلوب، لكونهم حماة الأمة وركنها الركين، وصمام أمن قيمها ومبادئها التي ترتفع بها إلى مصاف الأمم الخالدة ذات الإسهامات الكبرى في حياة البشرية .
لا نرثي اليوم رجلاً عاديا أو شخصاً عابراً أو حتى أحد رموز الأمة المترامية من المحيط إلى المحيط ..
نقف اليوم بمشاعر عميقة تشتعل فيها الحسرة والألم في موقع رثاء رجل بأمة.. رجل أحيا شعبه الذي افترسته وحوش الهضبة تارة زيدية ملكية وتارة زيدية جمهورية وتارة جمهورية إمامية رافضية ،، وعمل ليل ونهار لخدمة قضايا أمته التي تآمر وتنمر عليها القريب والبعيد ، في حين رضي الكثير من القادة والوجهاء بالتبعية والهوان لينال الفتات ويصبح حارس أمين ليس لأهله ومجتمعه وإنما لمن إحتل أرضهم ونهب خيراتهم .
الشيخ القائد عبدالرحمن حجري واحد من العظماء الذين أنجبتهم تهامة ،، واتصف بقدرات وطاقات متميزة ارتقت به إلى قمة المجد وذرى العمل والتضحية والعطاء.
القائد عبدالرحمن رجل ليس ككل الرجال، ورمز ليس ككل الرموز ، فما تركه الرجل الفذّ خلال حياته التي تتقاطر صفحاتها المضيئة كل صور العطاء والتضحية والنضال، يضعه “حتما ودون جدال” في المرتبة الأسمى التي لا يجاوره فيها إلا نفر قليل من قادة الأمة، بآلغي التفرد والتميز والإبداع في العصر الحديث .
ربما لا يعرف الكثيرون سيرة حياة القائد حجري ،، الذي شكل نموذجا للإصرار والمواجهة والتحدي في كل الميادين وفي مختلف الأوقات ،، أو يدركون بعضاً من العناوين العريضة التي بزغت في مرحلة ما من مراحل حياة الرجل التي تكتب بمداد الذهب والمجد والفخار، في فترة زمنية عصفت بها التحديات وسرت فيها المؤامرات على اليمن عامة وتهامة خاصة سريان النار في الهشيم .
لقد مثل القائد عبدالرحمن مدرسة فكرية ونضالية كبرى متكاملة الأبعاد والزوايا ، وموسوعة سياسية شاملة طبعت بصماتها المؤثرة في كل مكان، وتركت آثارها العميقة في حياة تهامة الأرض والإنسان .
لا تنبع أهمية ودور ومكانة القائد عبدالرحمن فقط من مواقعه الهامة التي تقلدها في النضال التهامي كقائد للحراك التهامي وقائد المقاومة التهامية في فترة تاريخية حرجة من تاريخ اليمن وظروف داخلية صعبة استعلى فيها حركة التمرد الرافضية الحوثية وأنصارهم من القوى المتغطرسة والحالمة في العودة إلى السلطة بعد ما أنتهت صلاحيتهم وساعدتهم الحاضنة الزيدية رغبة في النهب والفيد .
تجربة القائد عبدالرحمن ليست كأي تجربة.. إنها تجربة فريدة واجهت مصاعب وعقبات لا حصر لها، وأعادت رسم وتشكيل الوعي التهامي إثر عقود عجاف من البغي والتهميش .
جسدت حياة القائد عبدالرحمن
كل أشكال القوة والعزم والصبر والثبات والصمود في وجه المحن والتحديات، يحارب في كل الاتجاهات .
لا تقتصر حياة القائد على المواقف الصلبة والقدرات الفكرية والسياسية الباهرة، بل إنه رجل الفكر والسياسة والتي صقلتها المحن والخطوب والتجارب .
من الصعب رثاء قامة كبرى كقامة القائد عبدالرحمن حجري
الذي أفنى حياته في سبيل نصرة قضيته وإعلاء شأن شعبه وأمته، وأعطى القضية التهامية الكثير والكثير من وقته إن لم يكن وقته كله .
لذا، لم يكن مستغرباً أن تفتح جبهات الحرب على الرجل نيرانها من كل حدب وصوب، وأن يكون قرار إقصائه من جبهة الساحل أمراً مستغرباً .
لم تصرفه تحديات الواقع التهامي القاسية يوماً عن قضايا أمته الإسلامية ،، فقد كتب وتألم لحال الشعب الفلسطيني وأهل غزة .
وكم كانت الفرحة والحبور والاستبشار تغزو أفئدتنا مع كل تقدم أو نصر يحرزه ويظفر به رحمه الله، ومع كل فكرة يطلقها لتوحيد الصف التهامي ومع كل موقف يصدح به في وجه الظالمين .
اليوم تفقد تهامة لرجل الأمة الذي أرعب الطامعين في تهامة ،
وزرع بذرة الثورة والنضال “بالمفهوم الحقيقي” نحو نيل حقوقها المسلوبة وكرامتها المفقودة .
لقد اخرّج القائد عبدالرحمن حجري أجيالاً من القادة النجباء والمقاتلين النبلاء الذين رفعوا راية العزة والكرامة والحرية، وحملوا على أكتافهم مهمة التحرير والحرية بعيداً عن آفات التعصب العنصري والمناطقي البغيض وإرساء دور تهامة الريادي والطبيعي على مستوى اليمن والجزيرة العربية والعالم أجمع .
رحل القائد عبدالرحمن حجري وغاب عن مشهد الحياة بصمت، وانطوت صفحة جسده ،، لكن فكره المبثوث في تهامة وكافة أرجاء وربوع اليمن ما زال متأججاً يافعاً يحمل الراية ويقود المسير .
خسرت تهامة واليمن برحيله الكثير وفقدت رمزا من أوفى وأصلب وأكبر وأعظم رموزها في العصر الحديث.. رمز سيشهد له التاريخ في أسفاره المعاصرة بفضل السبق في تغيير وجهة وصورة الشعب التهامي.
رحم الله الشيخ القائد عبدالرحمن حجري فقد أحببناه وأحبه كل من عرفه صاحب أخلاق فاضلة وشجاعة نادرة .
كان رجلاً مستقيماً محباً لدينه ووطنه وصادق في انتمائه لدينه وشعبه وقضايا أمته ليس عبر اسمه المجرد، بل عبر مسيرة حياته العامرة وتاريخه الحافل الذي لم يعرف يوما معنى التردد والتراجع أو الخور والانكسار..
🖋️ الشيخ / ناصر المجهصي
#عاشت_تهامة_حرة_أبية