أعلان 300×250

القسم في سورة الْعَادِيَاتِ 🐎… فيديو

عدن الخبر

ثقافة وادب

صحيفة ((عدن الخبر)) كتب القاضي أنيس صالح جمعان :

*بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*

*(وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ۞ فَٱلۡمُورِيَٰتِ قَدۡحٗا ۞ فَٱلۡمُغِيرَٰتِ صُبۡحٗا ۞ فَأَثَرۡنَ بِهِۦ نَقۡعٗا ۞ فَوَسَطۡنَ بِهِۦ جَمۡعًا ۞ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ ۞ وَإِنَّهُۥ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٞ ۞ وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ ۞ أَفَلَا يَعۡلَمُ إِذَا بُعۡثِرَ مَا فِي ٱلۡقُبُورِ ۞ وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ ۞ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّخَبِيرُۢ).[العاديات: 1-11].*

*سورة الْعَادِيَاتِ هي سورة مكيّة تتحدث عن خيل المجاهدين في سبيل اللَّه.. وقد أقسم اللَّه تعالى بها إظهاراً لفضلها وشرفها عند اللَّه في قَولُهُ تَعَالَى: (وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا ۞ فَٱلۡمُورِيَٰتِ قَدۡحٗا ۞ فَٱلۡمُغِيرَٰتِ صُبۡحٗا)..*

*السورة تبدأ بعرض مشهد سريع لغارة عنيفة مفاجئة، تباغث القوم صبحاً فلا ينتبهون إليها وإلا وقد توسطت جمعهم فبعثرتهم وسط عاصفة من النقع المثار، وتأتي هذه الصورة العنيفة بعد واو القسم (وَالْعَادِيَاتِ)، لافتة إلى ما عهد القوم من مثل تلك الغارات المفاجئة المصبحة، وما تحدث من بعثرة وحيرة وإرتباك.*

*تتحدث سورة الْعَادِيَاتِ عن خيل المجاهدين التي أغارت على الأعداء، وتصف الآيات سرعتها العالية مدى فضلها وقيمتها عند اللَّه تعالى، وعن ابنِ عبّاسٍ قالَ: بَعَثَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ خيلاً، فأَشْهَرَتْ شَهراً لا يَأْتِيه منها خَبَرٌ؛ فنَزَلَتْ: (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً).. من العدو وهو الجري بسرعة “الضبح” وهو صوت أنفاس الخيل عند عدوها، المعهود المعروف من الخيل، ومعنى الآية أُقسم بالخيل التي تعدو وتضبح ضبحاً.. ضبحت بمناخرها إلى آخر السورة ومعنى أسهبت: أمعنت في السهوب: وهي الأرض الواسعة “جمع سهب”.*

*وتحدثت الآيات عن كفران الإنسان وحجوده بنعم اللَّه تعالى عليه وحبه الشديد للمال في قَولُهُ تَعَالَى: (إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ ۞ وَإِنَّهُۥ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٞ ۞ وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ)..*

*ثم بيّنت الآيات أَنَّ الآخرة لله تعالى ومردّ الناس جميعاً لله رب العالمين الذي سيحاسبهم على أعمالهم في الدنيا ولن ينفعهم يومها إلا العمل الصالح في قَولُهُ تَعَالَى: (أَفَلَا يَعۡلَمُ إِذَا بُعۡثِرَ مَا فِي ٱلۡقُبُورِ ۞ وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ ۞ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّخَبِيرُۢ)..*

*هنا تأتي بصورة أخرى لغيب غير مشهود، ولكنه واقع حتماًذلك البعث يفجأ على غير موعد، فإذا هم في حيرة وبعثرة وإرتباك، قد لفظتهم القبور لليوم الآخر كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ، وإذا كل ما في صدورهم قد حصل لم تفلت منه خافية مضمرة، مطوية في أعماق الصدور ومستكن الضمير..*

*خلاصة القول.. أَنَّ آيات سورة العاديات تحلف بالخيول التي تسرع إلى ميدان الجهاد بسرعة حتى تضبح ويتطاير الشررَ من تحت حوافرها باستدامة ضرب الحافر للاَحجار، وعند انجلاء الصبح تشنّ هجوماً شديداً يثير الغبار في كلّ جانب ثمّ تتوغل إلى قلب العدو وتشتت صفوفه، وهذا يعرب انّ الجهاد له منزلة عظيمة إلى حد استحق أن يقسم بخيوله والشرر التي تتطاير من حوافرها والغبار الذي تثيره في الهواء، وكل هذا أوصاف للخيل وحالاتها عند الغارة في سبيل اللَّه عز وجل، في هذا دليل على فضل الجهاد في سبيل اللَّه وركوب الخيل للجهاد في سبيل اللَّه، واللَّه تعالى يقول‏:‏‏ (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ‏).[‏الأنفال‏:‏ 60‏]‏.. وكل هذه أوصاف للخيل حالة غارتها للجهاد في سبيل اللَّه عز وجل‏.*

*ومن أسباب النّزول عن مقاتلٍ وعن غيره أنّ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث خيلًا سريّةً إلى بني كنانة وأمّر عليها المنذر بن عمرٍو الأنصاريّ فأسهبت أي أمعنت في سهبٍ وهي الأرض الواسعة شهرا وتأخر خبرهم فأرجف المنافقون وقالوا: قتلوا جميعًا، فأخبر اللّه عنهم بقوله:(وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا).[العاديات: 1]، يعني: تلك الخيل إعلامًا بأنّ خيلهم قد فعلت جميع ما في تلك الآيات.. وهذا الحديث قال في “الإتقان”: رواه الحاكم وغيره..*

قد يعجبك ايضا