أعلان 300×250

الاستهداف الذكي في اليمن: حين يتحول القرب من الحوثيين إلى مخاطرة شخصية

عدن الخبر

مقالات

صحيفة ((عدن الخبر)) بقلم/: مصطفى محمود :
كاتب وباحث يمني

في ظل تزايد العمليات الجوية الأمريكية التي تستهدف جماعة الحوثي، بات واضحًا أن نمط الحرب قد تغير، ولم يعد الاستهداف مقتصرًا على المعسكرات أو الجبهات، بل اتسع ليشمل أي موقع يحتمل وجود قيادات أو عناصر حوثية، سواء أكان موقعًا مدنيًا أم خاصًا. وهذا التحول يعكس بوضوح طبيعة المواجهة الجديدة القائمة على “الاستهداف الذكي”، حيث تلعب التقنية المتقدمة والخريطة البشرية دورًا محوريًا في تحديد الأهداف.

الخطورة تكمن في أن عمليات الرصد لم تعد تعتمد فقط على الإحداثيات العسكرية أو تقارير الميدان، بل باتت تستند إلى منظومات تتبع بشرية دقيقة، يتم تغذيتها عبر شبكات استخباراتية وتقنيات عالية الحساسية. هذه الأدوات لا تملك – غالبًا – قدرة على التمييز بين من ينتمي للجماعة ومن يتواجد صدفة أو بحكم الجيرة أو العمل، مما يعني أن كل من يتقاطع حضوره مع تواجد حوثي قد يصبح معرضًا للخطر، حتى وإن لم يكن حوثي او جزءًا من الصراع.

في هذا السياق، يبرز بعدٌ بالغ الأهمية يتعلق بوعي المجتمع المدني وتقديره لطبيعة المخاطر غير المباشرة. فالقرب من جماعة مسلحة مصنفة على قوائم الإرهاب، سواء عبر الجوار أو التعامل الاقتصادي أو حتى المجاملات الاجتماعية، لم يعد مجرد ترف شخصي، بل أصبح قرارًا له تبعات أمنية خطيرة.

وعليه، فإن المسؤولية الأخلاقية والعملية تملي على كل يمني حريص على حياته ومستقبل أسرته أن يراجع بدقة علاقاته وتعاملاته. إن كنت تجاور عنصرًا حوثيًا، فغادر. وإن كنت تؤجر معدّاتك أو ممتلكاتك لهم، فتوقف. لا تعمل لحسابهم، ولا تدخل معهم في أي نوع من أنواع الشراكة. فالمعركة باتت تُخاض من الجو، والمخاطر لا تطرق الباب قبل أن تحل.

ما نشهده اليوم هو فصل جديد من الحرب، عنوانه: “من يختار القرب من العنف، يتحمّل تبعاته”. والسلامة لم تعد مسؤولية امريكا او الحوثي المتسبب، بل هي التزام شخصي يتطلب وعيًا وقرارات حاسمة.

قد يعجبك ايضا