القاضي أنيس جمعان يكتب .. محبّة الناس..
عدن الخبر
كتابات حرة
صحيفة ((عدن الخبر)) كتب القاضي أنيس جمعان :
قال اللَّه تعالى: (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ).[الانفال: 63].
محبّة الناس رزق عظيم من اللَّه.. وكنز ليس له ثمن حتى لو أنفق المرء عليه كنوز الدنيا !!
ومن العلامات التي تجلب محبّة الناس لك.. التواضع، والإهداء، وحسن الإصغاء، وإفشاء السلام، وحفظ الجوار، والزيارة، والإبتسامة وطلاقة الوجه، وحُسْن الخُلُق، والإحسان إلى الناس وقضاء حوائجهم، والثناء على الناس بالحق، والدعاء بالشكر، إذا قصرت يداك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر والدعاء، وحسن الكلام والكلمة الطيبة له أثر في تأليف القلوب واستجلاب المحبة، وإطعام الطعام ودعوة الناس إليه، فإنه أيضاً مما يجعل ما بينهم محبة لمن أطعمهم وغيرها !!
ومن وسائل استمالة القلوب وكسب محبّة الناس أيضاً الزهد في الدنيا.. وقد جاء رجل كان له همّ في هذا الجانب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ..
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ).[رواه ابن ماجه وحسنه النووي، وصححه الألباني].
أَنَّ اللَّه.. هو الذي جمع قلوب المؤمنين على المودة، وجعلهم في توادهم كالجسد الواحد، فاجتمعوا، وهو الذي ألف بين قلوبهم بإيمانهم به، فيحب بعضهم بعضاً، فيتراحمون ويتعاطفون بما جعل اللَّه في قلوبهم من هذه المحبة التابعة لمحبته بسبب هذا الإيمان، هذه المحبة التي جعلها اللَّه في قلوب الناس لهذا المؤمن الذي اقترب من ربه فأحبه، هذه المودة الموعود بها كما أخبرهم تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً).[مريم: 96].
أَنَّ وجود القبول والمودّة والتراحم في قلوب الناس ومحبتهم قائم بشرائع اللَّه تعالى في الأرض، وخاصة إذا كان هذا القبول في قلوب أهل الإيمان والصلاح، وفيه إشارة إلى محبة اللَّه تعالى لهم.. وقد صحّ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك المعنى المذكور؛ أَنَّ الشخص الذي يحبه اللَّه تعالى يجعل له القبول في قلوب أهل الأرض، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ).[رواه البخاري و مسلم].
خاتمة.. الحمد لله الذي وهب لنا أحبة أغلى وأعز من كنوز الأرض.. اللَّهُمَّ ارزقنا حلاوة الأخوة، وطول الصحبة، ولذة المغفرة، وصفاء الود، وتجنب الزلل، وبلوغ الأمل، وحسن الخاتمة بصلاح العمل.. 🤲
اللَّهُمَّ ألف بين قلوبنا وسدد خطانا وارزقنا من الخير ما ترضى لنا.. وارحم موتانا وشافي مرضانا برحمتك يا ارحم الراحمين.. 🤲
اللَّهُمَّ ارزقنا محبّة الناس وسخّرنا لِمُساعدة خلقِك.. واجعلنا دائِماً عِندَ حسن الظن بك.. 🤲
اللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعمَل الَّذِي يُبَلِّغُني حُبَّكَ.. اللَّهُمَّ اجْعل حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِن نَفسي، وأَهْلي، ومِن الماءِ البارِدِ.. 🤲
اللَّهُمَّ إنّي أسألك القبول بين الناس، وأن تجعل كل خطواتنا بينهم مباركة.. اللَّهُمَّ إني أسألك أن ترزقنا محبة الناس، وأن تُقرّب منّا كل من يريد الخير لنا.. 🤲
اللَّهُمَّ حبِّبْ إلينا الإيمانَ وزَيِّنْه في قلوبِنا، وكَرِّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلْنا من الراشدين.. اللَّهُمَّ توفَّنا مسلمِين، وأحْيِنا مسلمِين وألحِقْنا بالصالحين.. 🤲
