أعلان 300×250

إفرازات عقلية الجماعة: (قرار مجلس شيوخ لدولة غائبة صادر عن نائب رئيس لدولة أخرى)!!

عدن الخبر

مقالات

صحيفة ((عدن الخبر)) كتب أ. عبدالكريم السعدي عضو قيادة الحراك الجنوبي السلمي ورئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية :

تابعت كغيري القرار الصادر عن عضو رئاسة مجلس مشاورات الرياض اليمني الزبيدي حول ما أسماه مجلس شيوخ الجنوب العربي، والحقيقة أنني لم أندهش، فالرجل وجماعته لم يعد يصدر عنهم إلا مثل هذه السقطات التي لا سند لها قانونًا ومنطقًا. فمنذ أن تم لملمة هذه الجماعة وتصديرها إلى الداخل الجنوبي، ونحن لا نرى ولا نسمع إلا خطابًا متناقضًا وسلوكًا مضطربًا وتفريطًا في كل شيء، وحالة فصام في الفعل والقول. وقرارات كهذا القرار، يرافقها فشل تصاعدي على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والحياتية!!

مررت على القرار بشكل سريع، فهو بالإضافة إلى غرابته وانعدام فائدته للجنوب وقضيته، بل وخطورته عليهما، حوى بعض الملاحظات منها على سبيل المثال الفجوة الواضحة بين صفة من أصدر القرار ومضمون ذلك القرار. فالقرار صادر عن عضو مجلس قيادة (يمني) وممهور بتوقيع رئيس جماعة الانتقالي، ويعالج موضوع تشكيل مجلس (للجنوب العربي). فالجهات الثلاث المتناقضة التي خلطها القرار، غير أنها تعاني إشكاليات في حضورها الشرعي على الواقع، فهي خليط لا يمكن أن يستقيم ويلتقي إلا في الجزئية المتبقية من عقلية الزبيدي وجماعته، وفي خضوعه لتنفيذ أوامر كفيله في ظل عدم فاعلية موظفي جماعته!

فكما نعلم ويعلم الزبيدي، فإن أطراف الخليط الثلاثة (مجلس القيادة اليمني، وجماعة الانتقالي، والجنوب العربي) منها من ما زال ينتظر خوض معركة استعادة الدولة ليكتسب الشرعية الوطنية اليمنية، ومنها من ما زال يتسول الشرعية (الجنوبية)، ومنها من هو غائب كليًا بفعل الصراعات السياسية. فالجنوب العربي، الذي يمثل حقبة تاريخية جنوبية بسلطناته ومشيخاته وكل عناصره، أكبر من أن تتبنى مصيره جماعة الانتقالي، فالأوطان عادةً ما تضم الجماعات تحت مظلتها وليس العكس. وهو الأمر الذي يلزم الدائرة السياسية في الجماعة، إن كان ما زال لها رأي، أن تعيد النظر في قرار رئيسها، إما بإعلان قيام دولة الجنوب العربي حتى يصبح القرار منطقيًا، أو بإعادة صياغة مضمون القرار بحيث يكون القرار بتشكيل مجلس شيوخ جماعة الانتقالي!

ومما يلفت الانتباه أيضًا هو ما جاء في الفقرة (2) من المادة (3) حول البناء التنظيمي للمجلس، حيث إنه من المعروف أن اتحاد الجنوب العربي تشكل في العام 1959 من سلطنات ومشيخات كانت بمثابة دول في حدودها الجغرافية ولديها قوانينها.
وبُنيتها التنظيمية، ولو أن راعي القرار قارئ للتاريخ لما ذهب إلى ما ذهب إليه، ولكان اختار البدء من حيث انتهى هذا الاتحاد وتعاطى مع مؤسساته، ولم يذهب لاستقطاب البعض من شخوصه كما فعل مع المترددين من قيادات الحراك الجنوبي، ولما جعل من (الجنوب العربي) مجرد ورقة بيد كفيله الإقليمي يرفعها ويخفضها متى شاءت مصالحه!!

ومن حيث توقيت القرار، يتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن القرار ما هو إلا إحدى توابع زلزال زيارة الزبيدي الأخيرة لحضرموت، والتي فشلت فيها محاولته العبث بنسيجها الاجتماعي، وكاد أن يضل طريق الخروج منها لولا تدخل كفيله. فتعيين (حضرميا) رئيساً لهذه اللجنة المشبوهة هو محاولة لمسح غبار الانكسار من وجه الجماعة، وإبقاء الباب مشرعاً للمزيد من محاولات العبث بتماسك النسيج المجتمعي الحضرمي، ولكن هذه المرة بأيدي حضرمية للأسف!!

مثل القرار في مضمونه وتوقيته حالة (عك) سياسي ليس غريباً على الزبيدي وجماعته، فموقع الرجل الرسمي لا يجيز له إصدار مثل هذه القرارات، فهو من موقعه يمثل بقايا (الجمهورية اليمنية)، كما أن درجته في قوام وظيفته الرسمية لا تمنحه الحق في مثل هذا التصرف، وبالتالي فهو بهذا القرار قد تجاوز حدود مهامه كعضو في رئاسة دولة أخرى، وتطفل على خصوصية الجنوب العربي، وتعدى على صلاحيات رئيسه رشاد العليمي، الذي يتساءل الجميع عن سر صمته تجاه العشوائية في سلوك عضو مجلسه، وكذلك تجاوز حدود جماعته التي لا تمثل إلا منتسبيها وموظفيها فقط؟!

في اعتقادي أن الزبيدي في بعض سقطاته إنما يواصل الهروب إلى الأمام في مواجهة الاستحقاقات الجنوبية، فقد بات الرجل حبيسًا لفكرة امتلاك شرعية التمثيل الجنوبي ومهووسًا بها، ويبيح كل الوسائل لتحقيقها، بما في ذلك شراء تلك الشرعية بالمال، وبالخطاب التضليلي، والتنازل عن السيادة، وذلك بعد أن فشل في اكتسابها من بوابة الحوار الوطني الجنوبي في مواجهة قوى الجنوب التي ترفض نهج جماعته القائم على التبعية العمياء!

وبالنظر إلى الأسماء، التي حوتها اللجنة يتجلى مجددًا حضور دكتاتورية الزبيدي في الانتقائية في لجنته الحالية، كما تجلت في بقية هيئات جماعته الشكلية المنزوعة القرار، فقد حشر مجموعة من أسماء موظفي جماعته، وإلى جانبهم نشر أسماء لشخصيات لا أظن أنهم قبلوا أو يقبلون على أنفسهم الإساءة إلى تاريخهم وتاريخ آبائهم وسلطناتهم ومشيخاتهم، ويقبلون بالسقوط من علياء الدولة ومؤسساتها إلى قاع تبعية جماعة تابعة فالتاريخ لا يرحم!!

تبسمت وأنا أرى (كثيريا) يرأس لجنة تشكيل مجلس شيوخ الجنوب العربي، مع أن التاريخ قال لنا إن السلطنة الكثيرية قد رفضت الالتحاق باتحاد الجنوب العربي. ولكننا أمام مهازل الزبيدي وجماعته، لا يسعنا إلا الابتسام والقبول بذلك، كما قبلنا من قبل بمن رمى علم الجنوب من على أكتافه إلى الأرض في ساحة العروض، وأمام الآلاف، ومن كان ينتزع أعلام الجنوب من نقاط التفتيش في العام 2015م، ويرميها أرضًا، ويرفض تسمية مجلس المقاومة بالجنوبية أن يصبحا ممثلين للقضية الجنوبية!!

قد يعجبك ايضا