الدولة ام القبيلة
عدن الخبر
كتابات حرة
صحيفة ((عدن الخبر)) ✍️/ صبري بارجاش
اطلعت على مقال للمؤرخ المفكر العربي والكاتب الصحفي المصري محمد حسنين هيكل واكثر ما شدني في ذلك المقال هي عبارة كتبها بسخرية عن واقع وتجربة وحقيقة وقناعة ، لذلك توقفت عندها التمعن فيها واستيعابها وتحليلها وفحصها لمعرفة مدى حقيقتها وصحتها وسلامتها الواقعية لما تشكل لدي من وعي تراكمي اختزنه الدماغ من المعارف والمعلومات والافكار والخبرات والسلوكيات والقناعات والمواقف طيلة عشرات السنين من الزمن ، تلك العبارة في ذلك المقال الذي كتبه ونشره قبل عقود ، هي كانت عن الثورة اليمنية في حينها ، حيث قال : ( ما يحدث في اليمن منذ 26 سبتمبر 1962م ليس بثورة تغيبر جذري ، وإنما هو انقلاب قبلي فاشل في محاولة تحول القبيلة إلى دولة ) ، واليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن ، لا يزال الوضع في بلاد الشمال ( اليمن ) يعكس هذه الفكرة والحقيقة الواقعية السليمة والصائبة ، إذ تستمر القبيلة في محاولاتها للتحول إلى دولة ولكن دون نجاح حتى هذا الوقت الراهن ، وهذا القول يتناغم ويتوافق مع ما أشار إليه عالم الاجتماع ابن خلدون في مقدمته الشهيرة حيث قال : ( إن هيبة وقوة فاعلية ودور الدولة يظهر ويسود في ضعف قوة فعالية ودور القبيلة تضعف وان قوة القبيلة يؤدي الى ضعف هيبة وفاعلية ودور الدولة وتفككها وافنائها وانهاء فعالية ودور مؤسساتها وهيئاتها في تطبيق سيادة النظام والقانون وتحقيق العدل والانصاف والحرية والعزة والكرامة والامن والسلام والاستقرار ) .
كم نحن اليوم مطالبون اكثر من اي وقت مضى لحاجتنا الحياتية الماسة والضرورية اللازمة في العيش بحرية وعزة وكرامة وامن وسلام واستقرار من خلال العمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة وهيئاتها وبالذات في جنوبنا العربي الحبيب على أسس ومعايير علمية حديثة برجال دولة تجري في دمائهم قولا وفعلا التقوى والوطنية من ذوي الكفاءة والاخلاص والنزاهة والاستقلالية وضمان بقائها بالعدل والسيادة والحيادية وقوة هيبتها بالإرادة والقرار والفاعلية في تطبيق الانظمة والقوانين بصدق وامانة وشفافية في الاوساط المجتمعية والقبلية ليسود الامن والاستقرار والتطور والازدهار ، وليس على أساس التخندق والاستقواء بالقبيلة.ذات النزعة العنصرية والعصبوية والجاهلية ، ولذلك على المقادمة والاعيان والحكماء والعقلاء – إن اقتنعوا – أن يعيدوا الأمور إلى نصابها بعيدًا عن المصالح الانانية الشخصية الدنيئة والفئوية العفنة والنظرة والرؤية المصلحية الضيقة ، فالوطن كما هو حق وملك لجميع ابنائه ، فهو يتسع لهم جميعا بما لهم من حقوق فيه وعليهم من واجبات عليه في محبته وتأمينه وفدائه واستقراره وتنميته وبنائه ، وكما هم جميع ابنائه شركاء في حمايته والدفاع عنه فهم شركاء في خيراته وثرواته من دون اية تمييز مهما كان نوعه !!!