أعلان 300×250

القاضي أنيس جمعان يكتب .. أجمل ما قرأت لكم.. عندما تكذب الأمّ 💔.. فيديو

عدن الخبر

منوعات

صحيفة ((عدن الخبر)) كَتب المخرج السوري المرحوم الدكتور مصطفى العقاد :

*كنت أظن أن الأمّ لا تكذب و لكني أدركت إن ظني خاطئ بعدما كذبت عليّ أمّي ثماني كذبات، و إليكم أكاذيب أمّي لتعرفوا كيف تكذب الأمّ:*

*الكذبة الأولى :*
*تبدأ القصة عند ولادتي، فكنت الأبن الوحيد في أسرة شديدة الفقر فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا، وعندما كنا نأتي بأرز قليل لنسد به جوعنا، كانت أمّي تعطيني نصيبها، وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى طبقي كانت تقول: ياولدي تناول هذا الأرز فأنا لست جائعة.. و كانت هذه كذبتها الأولى !!*

*الكذبة الثانية :*
*وعندما كبرت أنا شيئاً فشيئاً كانت أمّي تذهب للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا، لتأتي لي ولو بسمكة واحدة أسد بها جوعي وفي مرة من المرات أستطاعت بفضل اللَّه أن تصطاد سمكتين، أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعت السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئاً فشيئاً، وكانت أمّي تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك، فاهتز قلبي لذلك ووضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها، فأعادتها أمامي فوراً وقالت: يا ولدي ألا تعرف أني لا أحب السمك.. و كانت هذه كذبتها الثانية !!*

*الكذبة الثالثة :*
*وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة، ولم يكن معنا من المال ما يكفي مصروفات الدراسة، ذهبت أمّي إلى السوق وأتفقت مع موظف بأحد محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل وتعرض الملابس على السيدات، وفي ليلة شتاء ممطرة، تأخرت أمّي في العمل وكنت أنتظرها بالمنزل، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة، ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت، فناديتها: أمّي.. هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح، فابتسمت أمّي وقالت لي: يا ولدي، أنا لست مرهقة.. و كانت هذه كذبتها الثالثة !!*

*الكذبة الرابعة :*
*وفي يوم كان أختبار آخر العام بالمدرسة، أصرت أمّي على الذهاب معي ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة، وعندما دق الجرس و أنتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة وبشرتني بالتوفيق من اللَّه تعالى، ووجدت معها كوباً فيه مشروب كانت قد أشترته لي كي أتناوله عند خروجي، فشربته من شدة العطش حتى أرتويت وفجأة نظرت إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها: اشربي يا أمّي.. فردت: يا ولدي أشرب أنا لست عطشانة.. و كانت هذه كذبتها الرابعة !!*

*الكذبة الخامسة :*
*وبعد وفاة أبي كان على أمّي أن تعيش حياة الأمّ الأرملة الوحيدة، وأصبحت مسؤولية البيت تقع عليها وحدها فأصبحت الحياة أكثر تعقيداً وصرنا نعاني الجوع، كان عمي رجلاً طيباً وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا، وعندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ، نصحوا أمّي بأن تتزوج رجلاً ينفق علينا فهي لا زالت صغيرة، ولكن أمّي رفضت الزواج قائلة: أنا لست بحاجة إلى الحب.. و كانت هذه كذبتها الخامسة !!*

*الكذبة السادسة :*
*وبعدما أنتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة، حصلت على وظيفة إلى حد ما جيدة، وأعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمّي وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل، وكانت في ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل، فكانت تفرش فرشاً في السوق وتبيع الخضروات كل صباح فلما رفضت أن تترك العمل خصصت لها جزءاً من راتبي، فرفضت أن تأخذه قائلة: يا ولدي أحتفظ بمالك، إن معي من المال ما يكفيني.. و كانت هذه كذبتها السادسة !!*

*الكذبة السابعة :*
*وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير، وبالفعل نجحت وأرتفع راتبي، ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا، فشعرت بسعادة بالغة، وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة، وبعدما سافرت وهيأت الظروف أتصلت بأمّي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي، ولكنها لم تحب أن تضايقي وقالت: يا ولدي.. أنا لست معتادة على المعيشة المترفة.. و كانت هذه كذبتها السابعة !!*

*الكذبة الثامنة :*
*كبرت أمّي وأصبحت في سن الشيخوخة، وأصابها مرض السرطان، وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها، ولكن ماذا أفعل فبيني وبين أمّي الحبيبة بلاد، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية، عندما رأتني حاولت أمّي أن تبتسم لي ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جداً وضعيفة، ليست أمّي التي أعرفها، أنهمرت الدموع من عيني ولكن أمّي حاولت أن تواسيني فقالت: لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم.. و كانت هذه كذبتها الثامنة !!*

*وبعدما قالت لي ذلك، أغلقت أمّي عينيها، فلم تفتحهما بعد ذلك أبداً.. أبداً !!*

*قال الشاعر القروي :*
*فلي أمٌ حَنُونٌ أرضعتني*
*لبانَ الحب من صَدْر أحنِّ*

*على بسمَاتِها فتحتُ عيني*
*ومن لَثماتِها رويتُ سِنِّي*

*كما كانتْ تُناغيني أُناغي*
*وما كانتْ تُغَنيني أُغَني*

*سَقاني حُبُّها فوقَ احتياجي*
*ففاضَ على الوَرى ما فاضَ مني*

*القاضي أنيس صالح جمعان*

قد يعجبك ايضا