الحروف التي على الورق تحرقها النيران .
عدن الخبر
مقالات
صحيفة ((عدن الخبر)) كتب احمد السيد عيدروس :
كثيرة تلك النصوص التي لم نكمل كتابتها لأن الفكرة أعلنت التمرد على القلم منذ البداية ،
تلك الأفكار ترفض أن تُقيد بحبرٍ جاف و تكره أن تُساق نحو الجمود بصيغة لا تقبل التجديد ،
غالباً ما تُحنط الأفكار في كلمات متراصة تقف خلف بعضها على سطور الصفحات ولذالك تجد حياتها تُطوى سريعاً في كتاب مغلق موضوع على رف النسيان ، هكذا تموت الأفكار دون عزاء ،
في الكتاب تقف الكلمات كل يوم كجنود يستعدون لخوض معركة عند شروق الشمس لكن لا عدو في الأفق يقرأها ،
في نهاية كل يوم تُغلق أبواب المكتبة و يحل الظلام على صفحات الكتب و تنهار السطور وتبقى الفواصل بين المفردات كحواجز تفتيش تتعسف الكلمات المسافرة وتصف سفرها بهجرة غير شرعية ،
يمر الزمن ببطء على الكلمات في المعتقل و يتجعد وجه الكتب و تتمزق الصفحات وتموت الحروف ،
ترتسم في الظلام حدود جديدة بين المفردات التي لم تستطع الهجرة حينها تسمع الحروف الصغيرة التي فقدت معانيها تبكي كما يبكي أطفال الحروب على آباءهم الذين لم يعودوا للبيت ،
يحاصر الخوف أطفال الحروب عند سماع صوت الطائرات لكنهم يظلون ينادون في الأنقاض في الحرائق في الملاجئ المهدمة عن ذويهم لكن لا مجيب …..
هكذا تظل الحروف خائفة من الحياة على الورق حتى لا تحرقها النيران ….
كتبه احمد السيد عيدروس