حتى تصل إلى تعز عليك المرور بأربع جمهوريات
عدن الخبر
مقالات
صحيفة ((عدن الخبر)) كتب احمد السيد عيدروس :
في الطريق إلى تعز لاحظت عدد من الجمهوريات الخجولة والتي تحلم بالاستقلال في بقعة جغرافية لا تتعدى مساحتها ملعب كرة قدم ،
كان اول شي توسم به هذه الجمهوريات هو الجبايات القانونية والغير قانونية على حواجز التفتيش والتي عددت منها أكثر من أربعين حاجزاً ثم توقفت عن عد حواجز التفتيش لكثرتها وأخذت اتأمل جنبات الطريق والمناظر الطبيعية التي التحم بها الإنسان في تلك البلاد الساحرة ،
تعز جميلة جداً وبالذات تلك الأرياف من حولها التي تبدو كعقد من لؤلؤ يحيط عنق بلقيس اليمن تعز ،
في الطريق إلى تعز تشدك تلك البيوت التي على قمم الجبال والتي لا يوجد أثر للطرق إليها فتتسائل هل لدى سكان هذه المنازل أجنحة يحلقون بها ؟
هل هم بشر يمشون على الأقدام ام أرواح تطير في السماء ولا تحتاج للطرق نحو منازلها ،
في الطريق إلى تعز ترى اضواء تنبعث من السماء في الليل فتحسبها نجوم معلقة بالسماء ثم يأخذك الطريق إليها لتجدها منازل شيدت في السماء بحجارة من الأرض ، الإنسان في تلك البقعة الجغرافية ينتمي لقوم الجبارين ، تذهل كيف تم بناء هذه المنازل في أماكن حتى الطيور تخشى أن تحلق نحوها ،
ثم فجأة يقطع تأملي صوت ضابط على حاجز تفتيش يسألني عن هويتي وطلب مني النزول من السيارة وأخذ يتحقق مني من اين قادم والى أين ذاهب و أسئلة لا يحق له أن يوجهها حتى لأجنبي ؟ فأعتقد أن السؤال عن اسم صفحتي في فيس بوك شيء قريب عجيب … !! حينها أدركت أن هناك جمهورية خامسة توجد داخل تعز تضاف إلى الأربع جمهوريات التي على الطريق إليها والتي جميعها تتفق على أن تحاصر هذه المدينة ..
تعز مدينة محاصرة فعلاً ليس من الجمهوريات التي تولد مع كل نزوة لأمير خليجي يريد أن يجرب فكرة سياسية في حقل تجارب خارج الحدود لدولته بل أن تعز محاصرة حتى من الطبيعة فالمرور من وادي كُربة عبر تلك الجبال الوعرة بأتجاة مدينة التربة يعد انتحار مكتمل الأركان فأنت تتسلق جبال تكاد تلامس السماء وتسير على طرق لا توجد أدنى شروط السلامة في تصميمها واجزم أن هذه الطرق قد أبرمت اتفاقاً مع الموت بأن تزوده بجثث المسافرين مع كل غروب للشمس وغروب للأمن وغروب للدولة ففي هذه الرقعة الجغرافية لا شيء يشرق سوى الموت ففيها كل شيء على وشك الغروب مع أنها جميلة جداً تحكي تقاسيم وجهها أنها عانت من الأهمال والغدر والخيانة التي دمرتها وحولتها إلى راهبة نذرت نفسها أن تعيش في كنيسة تودع الموتى ..
تعز مدينة العشرة مليون يماني ينزلون من السماء كل صباح يعمرون الأرض ثم يعودون إلى منازلهم التي في السماء عبر سلالم من جبال شاهقة ،
تعز تستحق أن تحصل على رحلات طيران تهبط و تُقلع من مطارها نحو وجهات محلية ودولية أسوة بعدن وحضرموت وصنعاء أيعقل أن مطار تعز يتحول إلى ثكنة عسكرية هذه جريمة بحق كل إنسان أحب أبجديات تعز الثلاثية ،
تعز أرض طيبة جميلة لا يحبها إلا كل عاشق للحرية ولا يكرهها الا كل فاسد عميل مرتزق للرجعية ،
تعز ليست المدينة الفاضلة التي تكلم عنها أفلاطون لكنها مدينة تحتوي على سر الوجود الذي دونه أفلاطون في كتاب الجمهورية .
كتبه احمد السيد عيدروس
