أعلان 300×250

قراءة سريعة لواقع ماثل!!

عدن الخبر
كتابات حرة

صحيفة ((عدن الخبر)) كتب المناضل الجنوبي عبدالكريم سالم السعدي عضو قيادة الحراك الجنوبي السلمي ورئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية :

مازلت أرى أن قراءة طبيعة العلاقات بين إيران واسرائيل وامريكا مازالت سطحية عند بعض النخب العربية فالقراءة في هذا الجانب توجهها العواطف في أغلب الأوقات وتفتقد إلى الطرح الموضوعي ولو في حده الأدنى.

نعم نقر وبلا شك أن إيران لها مشروع مخالف للمشروع الإسلامي وليس العربي لأن العرب ليس لديهم اليوم أي مشروع بعد تنصلهم عن المشروع الإسلامي وبعد انحسار دعوات مشروع القومية العربية بوفاة الزعيم جمال عبدالناصر وبالتالي فإن مشروع إيران الحالم بإعادة امجاد الإمبراطورية الفارسية يمثل تهديدا للعقيدة.

وبالمقابل هناك المشروع الصهيوني القائم على فكرة اسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وهذا المشروع يمثل تهديدا للعقيدة وللوجود العربي معا من وجهة نظري وهو الاخطر.

وهذه المشاريع ليست وحدها من تتسلل لتمثل واقعا في القادم فهناك مشروع الدولة العثمانية التي يقوده أردوغان تركيا وهناك المشروع الصليبي القائم والذي يحكم العالم اليوم بواسطة امريكا وحلفائها.

إذا نحن أمام واقع يظهر عدة مشاريع مختلفة تلتقي في محطات وتختلف في أخرى!

في جانب آخر هناك العرب الذين أرى أنهم عجزوا إلى الآن عن إيجاد مشروع واضح يجمعون عليه ولو في الحد الأدنى فقد نجح أرباب المشاريع الأخرى في تمزيقهم وتحييدهم جانبا وبالذات المشروع الصهيوني والمشروع الصليبي وكانت آخر انكساراتهم واعنفها من وجهة نظري هي قبولهم بالتطبيع المنفرد مع إسرائيل والتخلي عن فلسطين وقضيتها والتي مثلت انتصار إسرائيل الحقيقي الذي منه تتوالد انتصارات اليوم!

في رأيي أن انقسام بعض النخب العربية مابين مهلل ومكبر لانتصارات إسرائيل ومهلل ومكبر لانتصارات إيران يمثل اوضح صورة واوضح دليل على عجز هذه النخب التي تركت مهمة البحث عن وسائل للضغط على انظمتها الرسمية في الخروج من حالة الحرب مع فرقاء الوطن السياسيين والانتقال إلى حالة الحرب مع اعداء الأمة وتفرغت لتمجيد انتصارات خصومها!

كما انني اعتقد أن من يذهب إلى وصف مايحدث بين إيران ومن يقف معها من فصائل المقاومة وبين إسرائيل هو مجرد مسرحية أو اتفاق على العرب والمسلمين أو غيرها من افرازات قراءة النخب العربية الحالية أمر يحتاج إلى اعادة تقييم فهو في رأيي لايقوم على قراءة موضوعية متحررة من التأثيرات العاطفية او من الشحن السياسي للنظام العربي الرسمي فموضوع إيران يتصارع تاريخيا مع تطلعات متشددي اليهودية ومعهم الصهاينة وهذا الصراع ليس لسواد عيون العرب والمسلمين ولكنه لأهداف تخص الفريقين المتصارعين بعض تلك الاهداف ظاهرا والبعض الآخر ستأتي مواقيت وظروف ظهوره لاحقا فما يدور حاليا بين الطرفين هو صراع حقيقي لم تقرأه النخب العربية قراءة منطقية بينما قرأته النخب الاسلامية في الدول غير العربية قراءة موضوعية وتعاطت معه على هذا الأساس والدليل انك لاتجد أحد من النخب التركية أو غيرها من النخب المسلمة في شرق آسيا وغيرها يستخدم مفردات النخب العربية في وصف مايحدث بين ايران واسرائيل ، فالنخب العربية إلا من رحم الله منها تصف مايحدث بأنه مسرحية لغرض الاضرار بالعرب وهذا ناتج عن قراءة خاضعة للشحن الإعلامي للنظام السياسي الرسمي العربي ومتاثرة بغياب القراءة المتانية والواقعية لتاريخ الطرفين تجاه العرب والمسلمين قديما وحديثا!

وبناء على كل ماتقدم فإن اي قراءة يجب ان تبدأ من:

اولا:
التحرر من تأثيرات الإعلام الرسمي للأنظمة الحاكمة العربية.

ثانيا:
البحث عن المشروع العربي ماهو وماهي اهدافه وماهي القضية التي مازالت تجمع العرب بحيث تمثل نواة لبناء مشروع عربي موحد كان أو منفرد يمثل كل دولة على حده؟

ثالثا:
الدراسة الموضوعية والواقعية للمشاريع المقابلة آنفة الذكر وتحديد أيها اكثر خطورة على العرب وعقيدتهم وايها أكثر قربا منهم ولو مرحليا ، وماهو المشروع الذي ممكن ان يلتقي العرب معه من تلك المشاريع الصاعدة او يختلف معه ،ومتى يكون هذا الالتقاء وهذا الاختلاف؟

رابعا:
ماهي الادوات المتاحة أمام العرب اليوم لخوض معركة العودة إلى واجهة المشهد ومشاركة هذه المشاريع واثبات وجودهم في إطار دائرة صراعها الدولي الوجودي؟

خامسا:
ماهو الهدف الذي ممكن يجمع عليه العرب ويكون نواة لمشروع كبير يصنع اسباب لحضورهم على الساحة الدولية خصوصا بعد تخليهم عن الخطاب العربي الموحد في قضية المقدسات الإسلامية في القدس وانحدارهم وانهزامهم نحو الخطاب المنفرد عن هذه المقداسات والذي يوحي بأنها قضية تخص فلسطين والفلسطينيين وليس العرب وهو الخطاب الذي انتجته وصاغة مفرداته ماتسمى باتفاقات السلام بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني والتي ابرز المعلن منها اتفاقات كامب ديفيد ووادي عربه!

ختاما:
أرى أولا أننا نحتاج كنخب عربية إلى قراءة الوضع الحالي من منطلقات شعبية وطنية قومية وليس من منطلقات وتوجسات الانظمة الرسمية التي تغتصب الحكم في اوطاننا اليوم وان نتحرك في خلق رأي عام قومي ووطني شعبي يقوم اما بتهذيب تلك الانظمة الرسمية واعادتها إلى مسار القناعات والاهداف الشعبية العربية او العمل على تغييرها سلما او حربا!

ثانيا:
الإدراك بأن مايدور على الارض اليوم بين المشروع الصهيوني والمشروع الإيراني هو صراع حقيقي بين أمم فرضت وجودها من خلال مشاريع واضحة تهدف إلى تحقيقها وان تلك الاطراف التي تتقاتل اليوم تجمعها ايضا مصالح واهداف مشتركة قد نكون نحن كعرب ابرز ضحاياها وهذه طبيعة السياسة فلا صديق دائم فيها ولاعدو دائم!

ثالثا:
إعادة صياغة خطاب النخب العربية بحيث يتواكب مع الواقع الذي يقول ان اراضينا مازالت محتلة وثرواتنا منهوبة وانظمتنا الرسمية موجهة وفاقدة للاستقلالية مما يجعل الاوطان والشعوب التي تحكمها تلك الأنظمة ايضا محتلة ومسلوبة القرار وبالتالي فأن اعتناق سلوك وخطاب المقاومة هو الاقرب لحالتنا العربية اليوم من سلوك ومفردات خطاب التطبيع والسلام والعلاقات الندية وغيرها وذلك لعدم امتلاكنا لمقومات ذلك السلوك وذلك الخطاب والتي يأتي في مقدمتها غياب المشروع الوطني العربي القومي الموحد!

*_عبدالكريم سالم السعدي_*

قد يعجبك ايضا