جنرالات على قارعة الطريق.

عدن الخبر
مقالات

صحيفة ((عدن الخبر)) العميد دكتور/سعيد محمد سيف الفقيه :

ظواهر ومشاهد وأحزان باكية ومبكية يرويها وضعنا الراهن الذي أبتلينا به منذ أن فقدنا القياد وزمام المبادرة ، شبابة في شفاة الريح تنتحب ، وفق وصف شاعرنا الكبير عبدالله البردوني الذي شبه حالنا بالشبابة، ورأى مالم نراه منذ زمن بعيد ،وحتى عندما كنا رجالا نحتقر الحادثات الكبار اذا أعترضتنا بأتعابها..كما رآنا شاعر اليمن الثائر محمد محمود الزبيري..ربما اليوم لا مجال للنواح والبكاء على الأطلال.. فنحن على شفا أن نفقد كل شيء ، إن لم نكن قد فقدنا كل شيء في لحظة فارقة وفاصلة في تاريخنا المعاصر..لحظة (الحيرة )كما شخصها السياسي اليمني والسفير المخضرم د.ياسين سعيد نعمان..هذه الحيرة التي يبدو اننا لن نفيق منها الا وقد فقدنا كل شيء ..ربما تكون سكرة الموت، والعياذ بالله.. (وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) …هل حقا فشل مشروعنا الحضاري المعاصر؟أم هي انتكاسة ؟ أو هزيمة؟ لعلنا نكابر بعدم الاعتراف بها ..والاعتراف بالحقائق وان كانت مرة بعد تحليل أسبابها والتسليم بها ،أهون من مكابرة تؤدي بالوطن إلى الهلاك، في زمن هو عبارة عن غابة مليئة بالوحوش الهصورة المفترسة، التي لا يردعها دين ولا تهديها مواعظ وقواعد أخلاق أو أنسانية ، سوى مطامع الشر المستطير وان كانت ضحاياه أمم وشعوب مجتمعة..فالارض ملؤها بشر ينبغي تقنين وجودهم _ وفق الرؤى المجنونة .
وماذا بعد ؟
ربما خلجات وحشرجات الكلمات وأنينها في الصدور قد بلغت مداها وتخومها النهائية..وحيث ما بعد ذلك من صمت يكون عار ،..كما رآه شاعرنا الكبير د.عبد العزيز المقالح حينما قال : الصمت عار،من نحن عشاق النهار والذي ودعنا بغصة الم وكلمات مدوية،حينما كتب واصفا حاله المشؤوم والميؤوس مودعا قبل الموت قائلا: انا ليس لي وطن أفاخر باسمه ..واقول حين أراه فليحيا الوطن ..باعوه للمستثمرين وللصوص وللحروب..ومشت على أشلائه زمر المناصب والمذاهب والفتن..
وماذا بعد ؟
حسنا سوف أجيب ،وربما ليس بنفس سياق قول شاعرنا الكبير عبدالله البردوني ..الذي وقف عند حيرة السؤال ،فقال ..يدمي السؤال حياء حين نسأله..ولكن اليوم السؤال لا يدمي حياء ،بل خزيا وعارا أن ينهار وطن وجنيرالاته على قارعة الطريق يبيعون القات ويقودون حافلات الركاب ليقتاتون لقمة العيش في افضل الاحوال..بدلا من قيادة القوات لحماية سيادة الوطن وعزة وحرية وكرامة المواطن المقهور المشرد المبتلي بكافة صنوف العذاب،القتل،الجوع ،الفقر ،المرض، ضيق الحال وقلة الحيلة ، في وطن هو الأجمل والاغنى والاعرق بين شعوب بلدان المنطقة ..وليس فقط الجنيرالات الذين يبكي الزمن مآسيهم وخذلانهم..بل كافة ضحايا الحرب المكلومين..فمنهم من قد قضى نحبه كمدا وقهرا وحسرة..ومنهم من ينتظر مصيره ودوره إلى المجهول..ومنهم من ركب الظاهرة بطلا متوجا بآكاليل المال الحرام والدماء البريئة..ومنهم من أسقط أركان الدولة المهتريئة في وطن جريح لايقوى على الصد والمقاومة في لحظة تاريخية فارقة من الوهن والمناكفة ولعبة البيادق المتحركة على رقعة الشطرنج والجماجم البشرية المتناثرة التي تشهد على مغامرات غير محسوبة متخلية عن كل شيء له سمة بالانسانية والوطنية وقيم الشهامة والعزة والنخوة والاعتداد بالنفس وبالتاريخ والجغرافيا والوشائج والتراحم والشفقة (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون ) صدق الله العظيم.
وماذا بعد؟
نعم ..ما زالت بقلبي ألف مبكيات ومضحكات من شر البلاء وتزاحم الأضداد والاعداء وضياع وفقدان الامل .
وما تزال بحلقي الف مبكية من رهبة البوح تستحي وتضطرب..يكفيك أن عدانا أهدروا دمنا..ونحن من دمنا نحسو ونحتلب ) رحم الله شاعرنا الكبير عبدالله البردوني الذي وصف حالنا حينذاك بهذه الكلمات البليغة..
وماذا بعد أيضا؟
لا شيء اصدقائي الاعزاء سوى أن اختم خاطرتي بقوله تعالى ( أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العظيم..فهل من صحوة قبل فوات الأوان ؟؟؟وهل من أمل يلوح من وراء الاكمة والتخوم والافق البعيدة ؟؟؟ نأمل ذلك .. وفقا لمقولة( تفاءلوا بالخير تجدوه )وسوف نتفاءل بالخير ونطلبه حتى لو كان في السماء ، عند الرفيق الاعلى، حيث هناك لا ظلم ولا خداع، بل خلود وراحة أبدية ملؤها رضا الرحمن وجنة عرضها السموات والأرض.

قد يعجبك ايضا