وسط صمت مريب .. شمة الحوت تكتسح الاوساط الطلابية في عدن

عدن الخبر
أخبار عدن

صحيفة ((عدن الخبر)) تقرير / نوال باقطيان :

مسؤول أمني : لا يوجد نص قانوني يجري بمنعها ولم نجد الجهة التي تقوم بفحصها ومعرفة كنهها

نماذج للمتعاطين وضحايا في عداد المجرمين وخلف القضبان وآراء التربويين

في الآونة الأخيرة اتسعت دائرة تداول وانتشار شمة الحوت ( فلترخيني ) في العاصمة الجنوبية عدن ، لتكتسح الاوساط الطلابية في الصفوف الأساسية والثانوية للبنين والفتيات ، حيث تباع شمة الحوت في اكشاك التنبل والبقالات وأسواق القات وفي بعض الصيدليات دون حسيب أو رقيب ومتابعة جادة من السلطات المحلية لمنعها ومعرفة كنهها ، فماهي مكونات شمة الحوت ( فلترخيني ) ؟ وماهي الدوافع التي تؤدي إلى إقبال الطلاب إلى تعاطيها والإدمان عليها ؟ ومالآثار الصحية والاجتماعية لتعاطي شمة الحوت ؟ صحيفة شقائق تحاول الإجابة على هذه الاسئلة في سياق التقرير التالي

تجتاح شمة الحوت أغلب المدارس الحكومية ومنها الأهلية في العاصمة الجنوبية عدن ، وسط صمت مريب من بعض مدراء المدارس وعدم الاعتراف بوجودها في مدارسهم ، بينما يسعى آخرون إلى تكثيف الحملات الرادعة لظاهرة تعاطي وإدمان الطلاب  من خلال حملات التفتيش المفاجئة وإقامة المحاضرات التوعوية بمخاطر الادمان على شمة الحوت الصحية السلوكية

تخبرني مشرفة أجتماعية  في إحدى المدارس الحكومية عن اغماء احد الطلاب في الصف السابع إعدادي عند تناوله لاحد اخطر انواع الحوت التي يتم مضغها ومن ثم بلعها لتفقده الوعي فور تناوله ويسقط مغشيا عليه وسط ذهول باقي الطلاب

قائلة ” هذه المادة احد انواع الحوت واخطرها وهي مادة تشبه الفوفل مرشوش عليها مادة بيضاء لا نعلم كنهها وهي تمضع كفوفل ومن ثم تبلع ، وتأثيرها خطير فقد افقدت وعي احد الطلاب فور تناوله لها ، لقد سقط مغشيا عليه ومن ثم افاق وظل يعاني من دوار قوي بعد افاقته “.

ضحية الحوت والمخدرات

كما اخبرتني احدى المعلمات قصة ابن اختها الذي كان ابن لوالدين منفصلين ليقع ضحية الحوت لتقول ” كان يدرس لدي في المدرسة وعندما بدأ بتعاطي شمة الحوت اخبرتني الحارسة بتعاطية وقد اخبرت والدته بذلك وبعد متابعة لحالته اقلع الطالب عن تعاطي شمة الحوت ، وانتقل من مدرستي “.

وتكمل ” وفي مدرسته الجديدة  تعرف على احد الطلاب ووقع ضحية لرفقة السوء ، فقد كان صديقه هذا لا ينتظم في الحضور إلى المدرسة وسط إهمال ولي امره وإدارة المدرسة ، وعندما اكتشف ابن اختي إن صديقه هذا يقوم باعداد مادة الحشيش لبيعه قام هذا الطالب باستدراج ابن اختي وارداه قتيلا حتى لاينكشف امره “.

تضيف ” فقدنا ابن اختي ومازال قاتله خلف القضبان ، لقد وقع ابن اختي ضحية لرفقة السوء والمخدرات ، فقد اراد ابن اختي إنقاذ هذا الطالب من الضياع وتحويله إلى مدرستي ، لكنه بادره بالجحود والغدر وكان جزاءوه القتل “.

حملات مدرسية

تقول الاستاذة اخلاص رشاد عبد الرحيم / مديرة مدرسة ادريس حنبلة في مديرية المنصورة ” لقد كنت قبل سنوات وكيلة فنية لصفوف سادس إلى الصف التاسع إعدادي ولقد قمنا بمحاربة انتشار تعاطي وادمان الطلاب لشمة الحوت ، ولقد انتشرت هذه الظاهرة في المدارس ويمارسها الطلاب بدون قلق او خوف ، ولأننا حريصين على سلامة طلابنا فاننا حاربنا ومازلنا نحارب هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا ، واتحدى اي مدير او مديرة تنكر تواجد متعاطيين لشمة الحوت في المدارس ” .

وعن الحملات التي تقوم بها إدارةالمدرسة المدرسة توضح الاستاذة اخلاص ” هناك طلاب صغار يتعاطون شمة الحوت ، ولكن بفضل جهودنا واستمرار الحملات انحسرت الظاهرة وتغيرت معاها سلوكيات الطلاب ، فبعد اكمال الطابور الصباحي نقوم بعملية تدشين للحملات فنقوم بتفتيش الحقائب والجوارب والاحذية لانه اتضح انهم يقومون باخباءها في جواربهم ، يساعداني في ذلك المشرف الاجتماعي عمار ياسين والوكيل  وبعد الاستراحة نقوم بحملات تفتيش أخرى

وبعدها اكتشفنا وجودها في الحمامات وذلك بعد فرارهم منا واختبائهم في الحمامات “.

وعن الاجراءت المتبعة في مدرسة ادريس تقول الاستاذة اخلاص ” من ثبت تعاطيه لمادة الحوت نستدعي ولي امره ونخبره بتعاطي ولده لمادة الحوت كما يقومون بكتابة تعهدات بعدم تكرارتعاطي اولادهم”.

يساند الاستاذ عمار ياسين / اخصائي اجتماعي في مدرسة ادريس حنبلة بقوله الاستاذة اخلاص ” دائما مانقوم بمحاربة هذه الظاهرة وهي تعاطي الطلاب لشمة الحوت بين فينة واخرى ، نحن نقوم بواجبنا اتجاه الطلاب كأحد اطراف العملية التربوية مع البيئة والمساجد والمنازل ، لإنقاد مايمكن إنقاذه ، وهذه قاعدة لابد اخذها كنهج وهناك مقولة لاحد الصالحين ( إنقاذ مايمكن إنقاذة ) لأن العمل البسيط خير من الجمود ”

يتابع الاستاذ عمار ” إلى جانب حملات التفتيش التي نقوم به ، نقوم بمحاضرات توعوية دينية بشأن تعاطي شمة الحوت من خلال ابداء وتوضيح مخاطره  وعلى المظهر والصحة البدنية ، وعندما نجد طالب يتعاطى نحاول الجلوس معه ونصحه اولا واخذ تعهدات منه بعدم تكراره للتعاطي ، لكن إذا استمر التعاطي نضطر إلى استدعاء ولي الامر ”

الاستاذة اميمة باهديلة _ مشرفة اجتماعية ووكيلة فنية في مدرسة محمد المقبلي بنين هي ايضا تخوض غمار محاربة الظاهرة وتغوص بمتابعة مستجدات التعاطي والانواع تقول ” نعاني في المدرسة من ظاهرة تعاطي شمة الحوت وهي منتشرة بين الأطفال لانها تباع في أغلب الاكشاك والبقالات وسعرها في متناول اليد ، وهي مؤثرة على مظهر ونظافة الطلاب من خلال رائحة الفم ومظهر الاسنان ، ونحن نقوم بحملات تفتيش للفم أو لاغراض الطالب ومن نجد بحوزته نحاول الجلوس معه ونصحه

كما نقوم بمحاضرات دورية وبالتنسيق ايضا مع إدارة مكافحة المخدرات للطلاب وآخرين لتوضيح مخاطر شمة الحوت ”

مكونات شمة الحوت

تصف الاستاذة سعاد علوي / مديرة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات شمة الحوت قائلة ” شمة الحوت عبارة عن حبات من الشمة المعجونة ، وهي عبارة عن مسحوق داخل هذه المغلفات ، وهو منتج خليط من بعض النباتات الطبيعية ، والمادة الاساسية المشكلة له هي التبغ ، وإلى الآن في العاصمة الجنوبية عدن لا توجد اي جهة قامت بفحصها لمعرفة المواد المضافة الاخرى لها ، لكن نحن من خلال التأثير الذي يحدثه على المتعاطيين وإدمانهم عليها نؤكد احتوائها على مادة مخدرة ربما نبات القنب الهندي و مادة أمفيتامين ، وذلك تبعاً للأعراض التي يشعر بها المتعاطي ”

ويقول الأخ إيهاب أحمد علي / نائب إدارة مكافحة المخدرات في العاصمة الجنوبية عدن ” بالنسبة لفحص مادة الحوت لقد ذهبنا إلى هيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة في العاصمة الجنوبية عدن ولم يفيدنا بعملية الفحص لعدم وجود المواد والامكانيات اللازمة لفحص مادة الحوت ”

الكشف عن المتعاطي والاعراض

لخصت الاستاذة أميمة باهديلة ، مشرفة اجتماعية في مدرسة محمد المقبلي اعراض تعاطي شمة الحوت وكيفية الكشف عن  المتعاطي بقولها ” يمكن اكتشاف تعاطي الابناء لمادة الحوت من خلال فحص فمه وملاحظة وجود حفرة اعلى اللثة بالاضافة إلى البصق المتكرر خاصة اثناء عدم وجود المادة في الفم ، كما تحدث نوع من النشاط المفرط “.

وتؤكد الاستاذة سعاد علوي مديرة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات الاعراض التي تصيب المتعاطيين ب ” يشعر المتعاطي لمادة الحوت بالإنهاك والخمول وعدم القدرة على إستيعاب الدروس لانها تعمل على تدمير خلايا الدماغ ” .

حملات أمنية وقوانين

منذ ظهور شمة الحوت في العاصمة الجنوبية عدن لم تقم اي جهات أمنية بمنع تداولها وشرائها في البقالات والاكشاك في العاصمة الجنوبية عدن الا بمحاولات خجولة أمام مد كبير وواسع لهذه المادة بين اوساط الطلاب .

يتساءل إيهاب أحمد علي ، نائب مدير إدارة مكافحة المخدرات في إدارة أمن العاصمة عدن لماذا لم يتم منع شمة الحوت من الدخول إلى العاصمة عدن على الرغم من دخولها من المنافذ الرسمية بطريقة رسمية ؟

يجيب ” لانه لا يوجد نص قانوني يجري بمنعها ، وهي مادة غير مصنفة بمادة مخدرة ، وكما اسلفت سابقا لم نجد الجهة التي تقوم بفحصها ومعرفة كنهها ”

يتابع ” لقد بذلنا الكثير من الجهود لمنع وتقنين من انتشار شمة الحوت من خلال نزولنا إلى وزارة التربية والتعليم ، للحد من بيعها على الاقل في مقاصف المدارس وفي الاكشاك والبقالات التي تقع بجانب المدارس ”

وطالب الاخ ايهاب بختام حديثه ب ” نطالب البلدية ووزارة الصحة بتفعيل القوانين الرادعة لبيعها والحد من انتشارها ، لأن لا منع لجريمة الابنص قانوني ، كما نطالب بتكثيف المحاضرات بمخاطرها ”

ومع ذلك في عام 2021 م قامت شرطة المنصورة حملة أمنية على بيع. شمة الحوت بمشاركة الحزام الأمني قطاع المنصورة ، بقيادة العقيد حسين صالح مسهر مدير قسم الشرطة واخيه كمال الحالمي قائد قطاع المحلات التجارية والصيدليات
ونفذت الحملة نزولا ميدانياًعلى عدد محلات بيع شمة الحوت في مديرية المنصورة

وجرت هذه الحملة استناداً على مادة ( 2)

يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصّدر أو ينتج أو يملك أو يحرز أو يشتري أو يبيع مواد مخدرة أو يتبادل عليها ، أو ينزل عنها بأي صفة أو ان يتدخل بصفته وسيطاواستخداماً بأجر او بدون أجر في الاحوال المنصوص عليها في هذا وللوقوف أكثر على حيثيات الظاهرة والإطلاع على الاجراءت التي تتخذها وزارة التربية والتعليم في تجفيف منابع هذه الظواهر ، تواصلت مع مدير مكتب التربية والتعليم في مديرية المنصورة الذي لم يبدي أي بادرة بالتعاون معي والتحدث عن الظاهرة حتى هذه اللحظة

دوافع تعاطي الحوت

اشارت الاستاذة اخلاص رشاد مديرة مدرسة ادريس حنبلة إلى دوافع الطلاب إلى تعاطي شمة الحوت ” المال الزايد ، اهمال الوالدين ، تشتت الطلاب ، انفصال الوالدين وعدم المتابعة ، البيئة السيئة والتي تؤثر في شخصية الطالب ”

كما يورد الاستاذ عمار ياسين /مشرف اجتماعي في مدرسة ادريس حنبلة بقوله ” الحرب والضغوطات النفسية التي يتعرض لها من المحيط ، المشاكل الاسرية والبيئة الفاسدة ”

الآثار الصحية والاجتماعية

تتحدث الاستاذة سعاد علوي ، مديرة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات عن الآثار الصحية والاجتماعية ” تحدث شمة الحوت اضرار صحية عامة على الاطفال والشباب على المدى الطويل ، حيث يحتوي الحوت على مواد مسرطنة تسبب تقرحات مزمنة تحدتث تغيرات في الخلايا الموجودة في تجويف الفم ، هذه التغييرات تكون مسئولة عن نشؤ سرطان ، نلاحظ تبوث هذه المعلومات من خلال ملاحظتنا لزيادة معدلات الاصابة بسرطانات الفم والحنجرة والرقبة في العاصمة الجنوبية عدن ، وهي احد الاضرار الخطيرة التي تسببها شمة الحوت ، كما تسبب ليونة في العظام ، نقص المناعة ، فقدان الشهية ”

علما إن في العاصمة الجنوبية  عدن بلغ عدد الاصابات بالسرطان اكثر من 5000 ، منها المئات من الحالات المصابة بسرطان الفم والبلعوم

أما عن الاضرار الاجتماعية تقول الاستاذة سعاد علوي ” مادة الحوت منتشرة بين المراهقين لذلك من اضرارها الاجتماعية تسرب الطلاب من المدارس ، كما يؤدي إلى انتشار الجريمة مثل الشذوذ والتحرش الجنسي السرقة والانخراط في العصابات “.

قد يعجبك ايضا