محمـد الثـريـــا يكتب.. *تسويات الصفيح الساخن !*

 

 

صحيفة ((عدن الخبر)) مقالات

 

 

لطالما جعلت المنطقة العربية وازماتها على صفيح ساخن طيلة صرعاتها خلال السنوات الماضية ،فهل هنالك ماهو افضل من صنع مشهدها الختامي على ذات الصفيح الساخن ايضا؟

لاشيئ افضل عند محاولة تمريرك لمشروع ما وخصوصا في منطقة جغرافية تستوطنها عقليات متحجرة ومتناحرة من الاستمرار في تغذية صراعاتها البينية والذهاب بعيدا في تطبيق سياسية اشعال الحرائق بنية منع اي حلول بين اطرافها حتى يصل الجميع الى مرحلة متقدمة من العجز والتيه والانهاك الشديد وبالتالي القبول بادنى سقف من المكاسب المقبولة والرضى بانصاف الحلول ..

المتابع عن كثب لمسار الازمات الدولية وتحديدا تلك التي في منطقة الشرق الاوسط سيجد فعلا انها لاتبتعد كثيرا عن ذلك الواقع والحال منذ عقود.
اذ غالبا ما تترك الازمة هناك لتتفاقم وتتفرع اكثر حتى تغدو على صفيح ساخن بانتظار المبادرات والتدخلات المغيثة من الكبار ودائما في هكذا وضع لن تجد اطراف الازمة المحتربة حرجا في قبولها بتسويات سياسية تقوم على الوقائع والافرازات الجديدة التي خلفتها الاحداث على ارض الواقع. اي البناء والتأطير لسلطة الامر الواقع .
وهذا امر غالبا ما يخطط له بعناية منذ البداية من قبل متعهدي الازمة ومديريها وهنا لاحاجة للتذكير بان اطراف الازمة في الداخل ليسوا الا ادوات التنفيذ سواء في مشهد نشؤ الازمة او في مشهد حلها ،هم عناصر المعادلة الحالية لكنهم بالتاكيد ليسوا من يتحكم بها او من بيده حلها ..

الازمة اليمنية مثال واضح يجسد مكر الكبار وطيش الصبية في هكذا ازمات وصراعات حتى انه لا يحتاج لكثير من الفهم والدراسة لمعرفة اين ستقف حدود هذه الحرب.

قبل يومين فقط دشن البريطانيون اولى جولات الدبلوماسية الانجليزية بعيدا عن قيود الاتحاد الاوروبي وبدأوا فعلا في انعاش المسار السياسي المتصل بالازمة اليمنية ..
لكن لاحظ هنا ان البداية تلك لم تأت مباشرة بالجلوس مع الاطراف المحلية المتصارعة باليمن بل اتت من خلال زيارة هامة لكل من الرياض وعمان وربما غدا ابوظبي وطهران لم لا؟ طالما وان بريطانيا تعلم جيدا من هي الادوات التنفيذية الفاعلة الازمة اليمنية ..
عموما لن نطيل فبعد الضربات المؤلمة التي تلقتها الشرعية اليمنية مؤخرا لم يتبق سوى ضربات مشابهة يتلقها الحوثيون فتصل الامور الى حالة من الاتزان والتكافؤ يقابلها حالة من الاحباط والقنوط الشعبي من احتمالية امتداد الحرب والذهاب الى المجهول لكن في نفس الوقت ستظهر الرغبة لدى الجميع في الترحيب باي جهد دولي يفضي الى انهاء معاناة كل طرف اعتمادا على المعطيات التي ذكرنا .
وعلى الجهة الاخرى من وجه هذه الازمة تبدو المعطيات المتعلقة بمستقبل الجغرافيا الجنوبية محسومة اذ سبق وتحدث التقرير التابع للمجلس الاوروبي احد اهم دوائر صناعة القرار والرؤى الاوروبية عن الواقع السياسي الحالي في الجنوب ويكفي قراءة ذلك التقرير والوقوف عند توصيفه الدقيق لاداء المكونات والكتل الجنوبية لينعكس امامك التساؤل حول السر وراء توقيته وتشخيصه لادوار الاعبين هناك ..في الحقيقة يمكن اعتبار ذلك بمثابة تحديد ملامح القالب السياسي في الجنوب وحدود الفاعلين فيه مستقبلا .ولا اظن احدا لم يشاهد النشاط والصحوة المستدركة مؤخرا لمكون الحراك الثوري وكذا محاولات تحجيم نفوذ وحضور المجلس الانتقالي ..هذا المعطى بدوره بات هو الاخر يدعم سياسة دفع الاطراف المحلية الى حالة التكافؤ التي تحدثنا عنها وهي غالبا المقدمة لاقرار واقع سياسي وشيك .

يمكن القول ان اللمسات الاخيرة لتهئية الاطراف بقبول الحلول المعلبة باتت شبه مكتملة وان عقد التفاهمات الدولية تم تجديده وضمان مصالح بلدانه في مرحلة الحل القادم لهذا قد لن يطول رسم المشهد الختامي للازمة اليمنية اكثر من بضعة اشهر ..

ـ محمد الثريا ـ

 

 

 

قد يعجبك ايضا